هم محمد بن ابراهيم ابن السرّاج المرّاكشي،شاعر من شعراء مراكش المرموقين المعروف بشاعر الحمراء.ولد في مدينة مراكش سنة 1900م في بيت متواضع،حيث كان أبوه سرّاجا وأصله من هوّارة إحدى قبائل سوس.وبعد دراسة شاعرنا بالكتّاب القرآني التحق بجامع ابن يوسف،ثمّ كلّية القرويين.فاق أقرانه في اللغة والنحو والبلاغة وعلم العروض،والقراءات والفقه،وكان أبوه قد أراد منه أن يكون رجل دين،لكنّ شاعرنا كان ميّالا إلى الأدب ونظم الشعر.اطّلع على دواوين العصر العبّاسي،فأخد يقول الشعر وهو في سنّ الخامسة عشر من عمره.وكان مكثرا من نظم اللزوميات على طريقة المعرّي.برز في كلّ فنون الشعر وخصوصا في المديح والهجاء،وكان مولعا بالدّعة والتنغّم والملذّات.
وقد مدح بعضا من أعيان أيّامه وجاراهم،وفي سنة 1935م حجّ إلى بيت الله الحرام ،وألقى قصيدة في مكّة أمام عبد العزيز بن مسعود فخلع عليه وأثابه ثوابا جزيلا.وفي طريق عودته زار مصر والتقى برجال الأدب والفنّ،وألقى محاضرة عن" ابن عبّاد ويوسف بن تاشفين"،وعاب على أحمد شوقي ما جاء في روايته التمثيلية"أميرة الأندلس"عن ابن تاشفين ،وألقى قصيدة منها:
تأمّل شوقي عن قريب فما اهتدى****وما ضرّ شوقي لو تأمّل عن بعد
وكانت وفاة شاعرنا سنة1955م بمرّاكش على إثر سكتة قلبية،إذ كان رجلا متواضعا،رقيق المشاعر،رحيما بالفقراء وكريما مع المعوزين.وكان مصلحا اجتماعيا من الدرجة الأولى،وكان ورعا تقيا،وحكيما مرشدا.وفي المغرب شارك الوطنيين في مقارعة المحتلّين الفرنسيين وسجن.
ومن آثاره ديوان شعري لا يزال مبعثرا بين مكتبات عشّاق شعره.وقد تكلّفت لجنة من الأدباء بجمع أشعاره في ديوان أطلق عليه اسم "روض الزيتون"وهو اسم الحيّ الذي كان يقطنه شاعرنا ابن ابراهيم.ومعلوم أنّ الأستاذ الشرقاوي كتب كتابا عن شاعر الحمراء تحت عنوان"شاعر الحمراء في الغربال"تحدّث فيه عن مكانة هذا الرّجل الأدبية والإجتماعية وآثاره داخل المجتمع المغربي.
وشاعر الحمراء كان فيّاض القريحة،واضح الدلالة في أشعاره،ملموس الإحساس،نافذ المعاني بليغ القول.وقصيدته التي نظمها بعنوان"الجمعية الخيرية"تعبير صارخ عن مشاعره وأحاسيسه إزاء أيتام الأطفال ومعاناتهم الشّاقّة.يقول فيها:
كيف المآل إذا تكــــــون الحال****بالجوع تقضي نسوة ورجال
هذا الضعيف أمامكم مسترحما****يرجو النّوال فهل لديك نـوال
هذا أبو الأيتام خلـــــــفك سائلا****وأبو اليتامى دأبه التّــــسآل
فعساك تشفق من أليـــم أنينه****وإذا فــــــــعلت فربّنا فعّال
آه لأرملة تقـــــــود صغــــــارها****والدّمع من أجفانهم هــطّال
ظلّت تطوف على الأكفّ بهم وما****أجــــــداهم الإدبار والإقبال
محمد الدبلي الفاطمي
محمد الدبلي الفاطمي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire