المصباح والميزان وقدرات كلّ منهما على الفوز في الامتحان
بعد أن غمر المصباح المواطنين المغاربة بأشعّة تمويهية قصد الفوز في الانتخابات والحصول على ترخيص شعبي يمكّن أنصاره من الإمساك بمقاليد الحكم،وبعد أن تحقّق هذا الحلم وأصبح حزب العدالة والتنمية ماسكا بزمام الأمور في ظلّ تشكيل حكومة ائتلافية،برزت إلى السطح ظاهرة الانفراد في اتخاذ القرارات من قبل السيد رئيس الحكومةو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية .وعلى إثر تصاعد منسوب هذه التّصرفات اللاّمقبولة من قبل السيد عبد الإله بنكيران قرّر حزب الإستقلال بزعامة السيد الأمين العام حميد شباط الانسحاب من هذه الحكومة والانضمام إلى صفوف المعارضة بعد أن تبيّن له أنّ الحكومة تتّجه نحو منعطف خطير لا يخدم مصلحة الشعب،بل سيساهم حتما في إلحاق الأذى بالاستقرار الاجتماعي من خلال المزيد من الضغط على القدرة الشرائية للمواطنين،أضف إلى ذلك تباطؤ الحكومة في تنزيل مقتضيات الدستور الجديد والذي مازالت قوانينه التنظيمية غير موجودة بالرّغم من مرور أكثر من سنتين على اعتماده.كلّ ذلك يدلّ على أنّ حكومة عبد الإله بنكيران لا تؤمن بالشراكة بين الأحزاب المكوّنة للتّشكلة الحكومية،بل تعتبرها في تبعيّتها.
وها نجن نرى وبأمّهات أعيننا ما أقدمت على ارتكابه هذه الحكومة اليوم من سحل للمتظاهرين المطالبين بحقوقهم واعتقالهم وتعنيفهم ذكورا وإناثا،وكأنّ المبادئ العامّة لحقوق لم تعد تؤمن بها حكومة بنكيران.وهذا تراجع خطير وخطير جدّا في مجال حقوق الإنسان.وأكيد أنّ المصباح لم يفلح في إنارة حياة المواطنين كما وعد بذلك أنصاره،لكنّه كشف عن عجزه الفظيع في إدارة شؤون البلاد،الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع أصوات من داخل حزب العدالة والتنمية تعارض هذا التوجّه المريب للحكومة مطالبة أمينها العام بتفسير تصرّفات حكومته.
وفي الجهة الأخرى حزب الاستقلال الذي سارع إلى الانسحاب من الحكومة البنكيرانية مفضّلا تواجده مع المواطنين الكادحين قصد الدفاع عن مكتسباتهم في ظلّ مقتضيات دستور المملكة الجديد.وقد أظهر حزب الاستقلال تمسّكه المتين بدمقرطة الحياة السياسية من خلال اعتماد آليات ديمقراطية في انتخاب أمينه العام الجديد،الشيئ الذي يؤشّر وبقوّة إلى التّطوّر الداخلي الذي شهده هذا الحزب على المستوى الديمقراطي،وهي العتبة التي مازال لم يصلها أيّ حزب من الأحزاب على الصعيد الوطني،بل وحتّى على الصعيد المغاربي.فالسيد حميد شباط نال زعامة الحزب بموجب ما أفرزته صناديق الاقتراع.ولولا نزاهة الاختيار ونظافة العملية الانتخابية داخل حزب الميزان لما تمكّن السيد حميد شباط من احتلال هذه المرتبة المتمثّلة في قيادة زعامة حزب الاستقلال.
إنّ انضمام حزب الاستقلال إلى المعارضة في هذا الظرف الحسّاس اختيار سياسي صائب.وهذا الاختيار بطبيعة الحال جاء نتيجة التحوّلات العميقة التي عرفتها الساحة العربية بسبب تداعيات الربيع العربي وما أحدثه في أنفس الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج.وهكذا واكب حزب الاستقلال المستجدّات وعاش مجريات الأحداث،فكان اختياره وليد التحوّلات التي عرفها من الداخل والتي أجبرته على السير مع مطالب الشعب وطموحاته والدفاع عن كرامته وضمان عيشه.قال الشاعر:سترى حين ينقشع الغبار***أحصان تحتك أم حمار.
فالاختيار إمّا أن يكون حصانا أو أن يصبح حمارا آونة الامتحان.
محمد الدبلي الفاطمي
محمد الدبلي الفاطمي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire