samedi 28 décembre 2013

الــــــــقـــرآ ن الـــكـــر يــم وإنـــســـان الــعــصــر الـــحــجــري الــقــديــم

مدارس مغربي فقدت رؤاها

ألا هبّوا جميـــــــــعا غاضبينا**فقد كــــــشف الزّمان لنا اليــــــــــقينا

وأخبرنا بمن قهـروا الأهالي***وساموا شعبنا الخسف المـــــــــــبينا

تراهم ينهــــــبون بكلّ ركن ***وقبل شروعهم قســــــــــــموا اليمينا

تربّع سطوهم فوق اليتامى***وخـــــــــــلّف شرّهم داء دفيــــــــــــنا

وفي وطني استبدّ بنا التدنّي***وجـــــــــرّع أهـــــــــــلنا كدرا وطينا

نبيت على التوجّع والتّشكّي***ونصــــــــبح كالبــــــــــــهائم نائمينا

ونلهث خلف درهمهم حيارى***مخافة قــــــهرنا قهرا مـــــــــــــــهينا

فما كسب التــــحرّر شعب أرض***إذا لم يدفـــــــــــعوا الثمن الثّمينا

ولا انقشعت في الكون شمس***إذا حجب الغــــــــــمام الضوء فينا

وقد علم الجميع متى سنجني***حصاد تقـــــوقع قتل الجـــــــــــنينا

مدارس مغربي فـــــقدت رؤاها***وأصــبــح دورها دورا مشـــــــــــينا

تعمّدت التّـــــــــهاون في مجال***يعــــــدّ أساس دعــــم الدّارسينا

وصيّرت التــــعلّم مــــــستحيلا***بــفرض تصوّر نصب الكـــــــــــمينا

مدارسنا تــــسير وراء نــــــهج***تورّط في اختــــــــــــفاء المبدعيـنا

ومنطــــــقنا تدحرج نحـــو لغو***ترسّــــــــــــخ في العقول فصار دينا

تشــــــبّع طفلنا بطباع غـشّ***وأرضعه الـــــهوى لـــــــــــبنا مهيـنا

فكيف سنستعيد مــــــــــــناخ جــوّ***يحدّ من انتشار الجـــهل فينا؟

قضى الغشّ اللّعين على التّسامي***وعرقل سعينا دنــــــــيا ودينا

فما ترك الفساد ســـــــــــوى مآس***ونحن نبارك العمل اللّعــــــينا

إذا صرخ المـــــــــــــواطن مستغيثا***يطالب بالــــــحقوق الحاكمينا

تعـــــــرّض للهـــــوان وللتّعــــــــدّي***وأصبح قابعا في الأســـر حينا

وشرطة أمـــــــــــــننا هجمت علينا***هــــــــــــراواتها تدمي الجبينا

تلاحق في الأزقّة كلّ شــــــــــخص***يعارض قمـــــــعها شعبا أمينا

وتعتــــــــــــــقل الشّباب ولا تراعي***مطالــــــــبهم وترفض أن تلينا

وتعتبر التــــــظاهر فــــــــــــعل شرّ***وتزعم أنّـــــها اكتشفت كمينا

وهل أضحى التّظاهر سـوء فــــعل***يبيح تعــــــــــقّب المتظاهرينا؟

أتى دســــــورنا وأشــــــــار جهرا***إلى أســــــس تدين المعـتدينا

فأيـــــــن هي العدالة في بلادي؟***وكيف سنوقف العمل المشينا؟

ألا هــــــبّوا جميعا مـــــــسرعينا***لنزحف مـــــــثل زحف الزّاحفينا

محمد الدبلي الفاطمي

dimanche 15 décembre 2013

أنا لـــن أعيـــــش مقــــيـّــــدا

بعد غيّاب دام خمسة عشر يوما بسبب حرماني من التواصل مع قرّائي عقابا لي من طرفgoogle-plus بهذه المدّة ،ها أنا أعود من جديد مفعما بالحيوية والتصميم على السير في الخطّ الذي رسمته بغية إنعاش ثقافتنا العربية وإغناء تواصلنا مع الثقافات الأخرى من خلال التبادل والاطّلاع وتقاسم التجارب والخبرات.وقد رأيت أن أستهلّ نشاطي بأشعار الإمام الشافعي حيث يقول في منافع وفوائد السفر:

              ما في المقام لذي عـقل وذي أدب****من راحة فـدع الأوطان واغـتــــــرب

              سافر تجد عوضا عــــــمّن تفارقــه****وانصب فإنّ لذيذ العيش في النّـصب

              إنّي رأيت وقـــوف الماء يفــــــسده ****إن سال طاب وإن لم يــــجر لم يطب

             والأسد لولا فراق الغاب ما افترست****والسّهم لولا فراق القــوس لم تصـب

             والشمس لو وقفت في الفلك دائمة****لملّها النّاس من عجــــــم ومن عرب

              والتّبر كالتّرب ملــــــقى في أماكنه****والعود في أرضه نــــوع من الحـطب

             فإن تغــــــــــرّب هذا عزّ مـــــطلبه****وإن تغــــــرّب ذاك عــــــــــزّ كالذّهب

وفال ابن الصّدّاح في إحدى قصائده الرائعة:

            موت الكرام حياة في مواطـــــنهـم****فإن هم اغـــتربوا ماتـــــــــوا وما ماتوا

            يا أهل ودّي لا والله ما انتـــــــــكثت****عـــــــــندي عـــهود ولا ضاقت مودّات

            لإن بعـــــــــدتم وحال البحر دونكم****لبــــــين أرواحنا في النّـــــــــوم زورات

           ما نمت إلاّ لكي ألقى خــــــــيالكم****وأيـــــــــــن من نازح الأوطـــــان نومات؟

vendredi 22 novembre 2013

ســــقــــط الــقـــنــاع بـــثــورة الجــــــمــهــور

                                                         أنا ثائر    


             يا أ يّها الطّـــاغي المشــرّد أمّة*****ثملا بغبـطة طبعه الـــــمغرور

            متربّعا فوق التّـــــسلّط شاهرا*****سيف الطّغاة القاهر المسجور 

            إحذر ،ففي تلك الشعوب عزائم*****سئمت تطاول ظلمك المشهور

             واعلم بأنّك في الأخير محاسب*****يامن هدمت قـــواعد الدّستور

              أنا ثائــــر مـــــــتألّم مــــتوجّع*****أحكــي مآسي أمّــــة ومصير

              يجتاحني صوت الرّصاص لأنّــه****متـــطاير بشـــرارة وسعــــــير

             ويزيدني قتل النّـــــــفوس تأثّرا*****برصاص جيش خانــــع مأجور

             ياأيّها الطّاغي المـــحاط بطغمة*****عبثت بثـــروة شعبنا المقهور

              إرحل كما رحل الـــــذين رأيتهم*****سقط القناع بثــــورةالجمهور

                                                  محمد الدبلي  الفاطمي

dimanche 17 novembre 2013

مــــــع ابــــن عبــــد ربّــــــه فـــــي قــرطــبـــة الأنـــدلــــــــس

مع ابن عبد ربّه في قرطبة الأندلس

هو أبو أحمد بن محمد بن عبد ربّه،الذي سمّاه المتنبّي"مليح الأندلس".كان جدّه الرابع مولى لهشام بن عبد الرحمان الداخل ثاني خلفاء بني أمية في الأندلس.ولد في قرطبة سنة850م وكان من أدباء الأندلس ومن شعرائها،وكتّابها المتميّزين.ترعرع ميّالا إلى العلم والأدب،فبرع في الفقه والتاريخ،كما أحبّ الموسيقى بالإضافة إلى درايته بعلم الطّبّ.وقد نسب إليه في رواية تناقلتها الألسن،أنّه أوّل من سبق إلى نظم الموشّحات،كما نسب إليه ابن بسّام صاحب الذخيرة ،الكتاب"فوات الوفيات وابن خلدون".

 وقد نشأ ابن عبد ربّه في حياة مترفة منعّمة،وكان محبّا للّهو والطرب مولعا بسماع الغناء.عاصر من الخلفاء الأمويين محمد الأوّل،والمنذر ،وعبد الله بن عبد الرحمان الثالث،ومدحهم بشعر رقيق تحفّ به العذوبة والذوق الرفيع،فنال عندهم الحظوة.وبالعودة إلى صغره نجد أنّ شاعرنا قد بدأ نظم الشعر  منذ صباه في الغزل مقلّدا في ذلك أبا نوّاس وشعراء الخمرة والمجون.ولمّا داهمته الشيخوخة ندم على سالف حاله،وتاب ثمّ  أنشأ القصائد الزهدية على أوزان شعره الغزلي فجاءت غاية في النظم والروعة. أصيب ابن عبد ربّه في نهاية عمره بفالج ومات بقرطبة سنة940م بعد أن عاش مدّة طويلة ترك لنا في أعقابها ثروة أدبية لآتقدّر بثمن.أمّا أشعاره الكثيرة فقد دوّنها الثعالبي في مؤلّفه"يتيمة الدّهر".وشهرة هذا الرّجل الفذّ في الكتابة بزغت من خلال كتابه النّفيس"العقد الفريد"الذي حوى كثيرا من النّوادر الأدبية ولطائفها وطائفة من أخبار المتقدّمين وآثار الشعراء والكتّاب.

 وهكذا سار ابن عبد ربّه على نهج المشارقة وقلّدهم في شعرهم ونثرهم،وقد رويت له موشّحات قليلة وفاسدة من حيث الأخلاق.وله شعر متين ومحكم.وقد حاول شاعرنا إنشاء ملحمة شعرية في قصيدة تتصمّن أخبار عبد الرحمان النّاصر،إلاّ أنّه أخفق  في بلوغ مراده.يقول في شعره "مليح الأندلس":

               ودّعتـــــني بــــزفــــرة واعــــتناق*****ثمّ قالت متــــى يكون التّلاقي

                وتصدّت فأشرق الصــــبح منــــهـا*****بين تلك الجـــيوب والأطــــواق

                ياسقـــــــيم الجفون من غير سقم*****بين عـــينيك مصرع العـــشّاق

                إنّ يـــوم  الــفراق أعـــظــــم يــوم*****ليتني مــتّ قبل يــوم الفــراق

أمّا في باب الرثاء  فقد رثى شاعرنا  فقدانه ولدا حيث قال:

             قصـــــــــــد المنون له فمات فقيدا*****ومضى على صرف الخطوب حميدا

             بأبي وأمّـــــي هالك أفـــــــــــردته*****قد كان في كلّ العلــــــــــوم فريدا

             سود المقابر أصــــــــــبحت بيضا به*****وغدت له بيض الضــــــــمائر سودا

             لم نــــرزه لــــمّا رزيــــنا وحـــــــده*****وإن استــــقلّ بــه المـــنون وحيــدا

             لكــــن رزيــــــــنا القاسم بن محمد*****في فــــضله والأســــــود بن يزيدا

             وابن المبارك في الرّقـــائق معـــمرا*****وابن المسيّب في الحـــديث سعيدا

            والأخفشين فـــــصاحة وبلاغــــــــة*****والأعــــشيين روايـــة ونــــــــشيدا

           كان الــــوصــــي إذا أردت وصيّـــــــة*****والمســـتفاد إذا طلــــــبت مفــــيدا

           ولّى حـــفيظا في الأزمّة حافـــــــظا*****ومـــضى ودودا في الورى مـــودودا

           ما كان مـــــثلي في الــــــرّزية والـدا*****ظــــــفرت يداه بمـــثله مــــــــولودا

           حتّى إذا بدأ الســـــــوابق في العلى*****والعلــــــم ضمّن شلــــــــوه ملحودا

           يا من يفــــــنّد في البـــــكاء مــــولّها*****ما كان يســـمع في البكا تــــــــفنيدا

          تأبى القـــلوب المستكــــنّة للأســى*****من أن تـــــكون حـــجارة وحـــــــديدا

          إنّ الذي باد الســــــرور بمــوتـــــــــه*****ما كــــان حـــــزني بعــده لــــــــيبيدا

          ألآن لـــمّا أن حـــويــــت مـــآثــــــــرا*****أعيـــــت عــــــدوّا في الورى وحسودا

         ورأيت فــــيك مـــن الصّــــلاح شمائلا*****ومـــن الــسّماح دلائـــلا وشــــــــهودا

         أبكـــــي عليك إذا الحمامة أطــــــربت*****وجــــــه الصّــــباح وغــــــــرّدت تغريدا

        لولا الحــــيا انّـــي أزنّ ببــــــــدعــــــة*****مـــــمّا يعـــــــدّده الــــــــــورى تعديدا

        لجعلت يومــــي في المــــلاحة مأتما*****وجــــعلت يومـــــك في المـــــوالد عيدا

وقد أورد ابن عبد ربّه في كتابه" العقد الفريد"مديح المأمون من طرف رجل من بغداد حيث قال:قال ابن أبي طاهر:دخل المأمون بغداد فتلقّاه أهلها فقال رجل منهم:ياأمير المؤمنين بارك الله لك في مقدمك،وزاد في نعمتك وشكرك عن رعيتك.تقدّمت من قبلك وأتعبت من بعدك،وآيست أن يعاين مثلك.أمّا فيما مضى فلا نعرفه،وأمّا في ما بقي فلا نرحوه.فنحن جميعا ندعوا لك ونثني عليك.خصب لنا جنابك،وعذب ثوابك،وحسنت نظرتك،وكرمت مقدرتك،فجبرت الفقير وفككت الأسير.والخير بفنائك والشرّ بساحة أعدائك،والنّصر منوط بلواء نصرك ،والخذلان مع ألوية حسّادك.والبرّ فعلك قد طحطح العدوّ غضبك،وهزم مقانبهم مشهدك، وسار في النّاس عدلك ،وشسع بالنّصر ذكرك،وسكّن قوارع الأعداء ظفرك.الذّهب عطاؤك والدواة رمزك والقرطاس لحظك وأطرافك.

  وجاء في "العقد الفريد"ما أورده الشبراوي حيث فال:

        ألعلم أنفس ذخر أنت ذاخـــــــــــــــره*****من يدرس العلم لم تدرس مفاخــــــــره

        أقـــــبل على العلم واستقبل مقاصده*****فـــــأوّل العــــــلم إقــــبال وآخـــــــــره

 وقيل للخليل بن أحمد الفراهيدي:أيّهما أفضل العلم أو المال؟قال: العلم.قيل:فما بال العلماء يزدحمون على أبواب الملوك والأمراء،وهؤلاء لا يزدحمون على أبواب العلماء؟قال:ذلك لمعرفة العلماء بحقّ الملوك والأمراء وجهل هؤلاء بحقّ العلماء.قال بعضهم كما ورد في "العقد الفريد"

        ألعلم يحيي قلوب المـــــــــــيّتين كما *****تحيا الــــبلاد إذا ما مـــسّها المــــــــطر

        والعلم يجلو الـــعمى عيــــــن صاحبـه*****كما يجلّــــي ســـــواد الظلمة القــــمر

 ومن فكاهاته التي أوردها في" العقد الفريد"حكايته عن أيّ الاثنين أغلب على الرّجل الأدب أم الطّبع.يحكى أنّ ملكا من ملوك فارس كان له وزير حازم  مجرّب،فكان يعتمد رأيه ويتعرّف اليمن في مشورته.ثمّ إنّه هلك ذلك الملك وقام بعده ولده،فأعجب بنفسه مستبدّا برأيه ومشورته.فقيل له:إنّ أباك كان لا يقطع أمرا دونه.فقال:كان مخطئا فيه،وسأمتحنه بنفسي.وأرسل إليه قائلا له:أيّهما أغلب على الرجل الأدب أو الطبيعة؟فقال له الوزير:الطبيعة أغلب لأنّها أصل والأدب فرع،وكلّ فرع يرجع إلى أصله.فدعا الملك بسفرقه فلمّا وضعت أقبلت سنانير بأيديها الشّمع فوقفت حول السفرة فقال الملك للوزير :اعتبر خطأك وضعف مذهبك ،متى كان أبو هذه السنانير  شمّاعا؟.فسكت عنه الوزير ثمّ قال:أمهلني في الجواب إلى الليلة المقبلة.فقال الملك:ذلك لك.فخرج الوزير ودعا غلامه قائلا له:التمس لي فأرا واربطه في خيط وجئني به.فأتاه به الغلام فعقده في سبنيّته ،و طرحه في كمّه،ثمّ راح من الغد إلى الملك .فلمّا حضرت سفرته أقبلت السنانير بالشّمع حتّى حفّت بها فحلّ الوزير الفأر من سبنيّته ثمّ ألقاه إليها،فاستبقت السنانير إليه ورمت بالشّمع حتّى كاد البيت يضطرم نارا.فقال الوزير:كيف رأيت ياصاحب الجلالة غلبة الطّبع على الأدب ورجوع الفرع إلى أصله؟قال الملك:صدقت.ورجع إلى ما كان عليه أبوه معه.وإنّما مدار كلّ شيئ على طبعه،والتّكلّف مذموم من كلّ وجه.

 وفي الخطب الحماسية أورد ابن عبد ربّه في"العقد الفريد"خطبة أبي حمزة بالمدينة المنوّرة.يقول فيها:قال مالك بن أنس :خطبنا أبو حمزة خكبة شكّ فيها المستبصر وردّت المرتاب. قال: أوصيكم بتقوى الله وطاعته والعمل بأوامره ونواهيه وصلة الرحم وتعظيم ما صغّرت الجبابرة في حقّ الله تعالى،وتصغير ما عظّمت من الباطل إماتة ما أحيوا من الجور ،وإحياء ما أماتوا من الحقوق.وأن يطاع الله ويعصى العباد في طاعته.فالطّاعة للعباد من أهل طاعة الله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.ندعوا  إلى سنّة الله والقسم بالسّوية والعدل فب الرعية ووضع الأخماس في مواضعها التي أمر الله بها.إنّا والله ما خرجنا أشرا ولا بطرا ولا لهوا ولا لعبا،ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيها،ولا لثأر قد نيل منّا.ولكن،لمّا رأينا الأرض قد أظلمت،ومعالم الجور قد ظهرت،وكثر الادّعاء في الدّين وعمل بالهوى،وعطّلت الأحكام  فقتل القائم بالقسط  وعنّف القائل بالحقّ سمعنا مناديا ينادي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم،فأجبنا داعي الله"الآية".فأقبلنا من قبائل شتّى قليلين مستضعفين في الأرض،فآوانا الله وأيّدنا بنصره فأصبحنا بنعمته إخوانا وعلى الدّين أعوانا.يا أهل المدينة أوّلكم خير أوّل،وآخركم شرّ آخر.إنّكم أطعتم قرّاءكم وفقهاءكم فاختانوكم عن كتاب غير ذي عوج بتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين،فأصبحتم عن الحقّ ناكبين أمواتا غير أحياء وما تشعرون.يا أهل المدينة،يا أبناء المهاجرين والأنصار والذين اتّبعوهم بإحسان ما أصحّ أصلكم أسقم فرعكم...ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم."العقد الفريد"

                                                                 محمد الدبلي الفاطمي

vendredi 15 novembre 2013

مــصـــر كـــا نـــت لـــمحبّــــيــــها دوامــــا*****لم تـــضــــع عـــهـــدا ولـــم تــــرفـــــض ســـلا مـــا

           بعد ظلــــــم جئـــتني يا ذكرياتــــي*****والأماني بيـــــــن موت وحياة

           بعد قهر عــــــشته في السنـــــوات*****حملت كلّ عذاب الكائـــــــنات

          ظــــــلّ  فيها شبــــــح بالظّلـــــمات*****فهوت عيني وسدّت طرقاتـي

          ورمت شملــــــي بعـــــنف وعـــــتوّ*****والصّبا نشوان والــحبّ موّاتـي

          فاحفظيها في المآسي الخالـــــــدات*****أو دعيها ترتوي من عــــبراتي
          
          واسكني في عمق أحشائي عساني*****أجد السلوى تداوي الزّفـــرات


          جثــــم الرّعـــــب علـــــينا ومــــضى*****حقبا سودا ودهــــــــرا مقبضا

          كلّــــــما عــــــود ثقــــاب أومــــــضا*****هــــجم اللّيل بعــــــنف معرضا

          ودجى كالــــويل في قلب اللّـــــظى*****هتــــــــك الفجر مساء ومضى

          كان رعــــــبا عســــــكريا مغــــــرضا*****شــــعّ ظلما وتوارى في الفضا

          هاجم  الحـــــــــبّ بكــــــره وارتضى*****قتل فـــــجر قــــــــــد بدا أبيضا

          جاثــــــما فــــــوق زهر فاتـــــــــــن*****في ربيـــــــع يشتهي أن ينهضا


         حان اقتـــــــــــــباس أنـــــــوار اليراع*****يافؤادي ويك،هــــــــيّا لا تراعي

        قد تدانى الــــــــــــبحر من بعد امتناع*****وغـــدت دنيانا قــــــــــــيد ذراع

       هذه الجــــــنّة ياويــــــــــــح الأفاعي*****نفثت في زهـــــرها سمّ الخداع

       يا يراعي طــــــف بهاتيك البـــــــــقاع*****وتهـــــــيّأ للـــــــــــــــقاء ووداع

       لا تدعني في مـــــــــــتاهات الصراع*****ضاع عمري،ويح للــعمر المضاع

     والتمس قـــــــــــــــــفزة بعث ومتاع*****تحــت أفق صادح صافي الشعاع


    أيّــــــها الفـــــجر بلادي مـا عـــــراها*****كيـــــف أضحت عبرة في شقاها؟

   أو حــــــقّا قربت مـــــن مـــــــنتهاها*****هــــذه المحـــــنة وانجاب دجاها؟

   أغـــــدا تستـــــــقبل الــــــدنيا مناها*****حــــرّة تشدو بمكنون هــــــواها؟

 وأرى حــــــرّية عــــــزّ حـــــــــــماها*****لم يضع عــــــقباه من مات فداها؟

  أيّـــــها الفــــــجر تأمّل أتـــــــــــراها*****أنت مــــن جارتها أيـــــــن سناها؟

  ذذت عــــــنها وتقــــــــدّمت خطاها*****يــــوم قالوا:خسر النــــــصر فتاها


  أيّ بشرى زفّـــــها نــــــورس البحر؟*****من تراه ذلك الـــطير المغنّــــــي؟

   مسّ قلبي صــــــوته،إذ مسّ أذني*****ألــــحبّ،أم لسلم،أم تمـــــــــنّي؟

   يا بشير السلم لا يكذبك ظــــــــنّي*****أنا ظــــــــــمآن إلى الشّدو فزدني

    حملتني النّفس في صــمت وحزن*****أيّ عيـــــش بعدها تشتاق عيني؟

    صاح قلبي:إن تدعني لست منّــي*****إفتـــــح الباب ونـــــــحّ القيد عنّـي

   لا تدعــــــني أعشق العـــزلة إنّي*****قد سئمت اليوم في أرضي سجني


   ذا نشيدي في جنـــــون ذا غنائي*****هو ذا الفــــــــــجر فهبّوا يا أصدقائي

   إفتـــــحوا نافذتي عبـــــــر الفضاء*****إفتـــــحوها لأرى وجــــــــه السّماء

  في ظلال السّلم أو نـــــــور الصّفاء*****حنّ تغــــريدي لشعــــــري وغنائي

  فاتركوني بــــين أمــــــــواج الضياء*****وارقبوا فوق  المــــــــصابيح لقائي

  لا تقـــــولوا كيــــف أضحى مستبدّا*****حاكم في مــــــوطن خالي النّماء؟

  قد سمعتم دعوتـــــــــي يا رفاقي*****وعلمتم ما طمـــــــــــــوح الشعراء

      
                                                   محمد الدبلي الفاطمي

mercredi 13 novembre 2013

ذاك هـــــو الله الــــذي****ويـــل لـــمـــن كـــــفـــــره

                                        ذاك هو الله الذي   

  أنــــــظـــــر لــتلك الشجـــره*****ذات الغـــــصون النـــــضره

       كـــــيف نــــمت من بــــــذرة؟*****وكــــــيف أضــحت شجره؟

      فانظر وقـــــــــل مـن ذا الـذي*****أخـــــــرج منـــــــها الثمره؟

     أنــــظر إلى الشّمس الــــــتي*****جــــذوتها مــــــــــــستعره

     منـــــــها ضــــــياء وبــــــــــها*****حـــــــرارة مـــــنتشــــــره

     من ذا الــــــذي كوّنـــــــــــــها*****فـــــي الـــجوّ مثل الشّرره؟

     وانظـــــر إلى اللّــــــــيل فمن*****أوجــــــد فيه قــــــــــــمره؟

     وزانــــــه بنـــــــجومـــــــــــه*****كالــــــــدّرر المــــــــنتشـرة

    وانــــــــظر إلى الغــــيم فمن*****أنـــــــزل مـــــنه مــــــــطره؟

    فــــــصــــــــيّر الأرض بــــــه*****مــــن بعـــد اغبرار خـــــضره

    وانــــظر إلى الرّوض فــــمن*****نـــــــــوّع فيــــه زهــــــــــره؟

    وانظـــــــر إلى المــــرء وقل*****من شـــــــقّ فــــــــيه بصره؟

     مـــــــن ذا الذي جهّــــــــزه*****بقــــــــوّة مــــــفتــــــــــكره؟

   فانظـــــــــر إلى الخلق وكن*****مــــــمّن جــــــــنى عبــــــره

  ذلك هــــــــو الله الـــــــــذي*****ويــــــل لمــــــــن كفـــــــــره

  ذو حــــــكمـــــــة بالــــــغة*****وقـــــــــدرة مـــــــــقتــــــدره

  أبــــــدع فـــــــي خلــــــقه*****وأعــــــطى الــــورى نعـــــــمه

                                                      محمد الدبلي الفاطمي

                                                                                 






vendredi 8 novembre 2013

ولـــــيــــس يــخـــفــى عـــلـــى الأحــــرار مغزاهـــــا

                           .وليس يخفى على الأحرار مغزاها


    هذه حكاية بــــؤس جئت أذكرها*****وليس يخفى على الأحرار مغـزاها

      لقيتها ليتني ما كنت ألـــــــــقاها*****تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها

      أثوابـــــها رثّـــــــة والرّجل حافية*****والدّمـــــع تدرفه على الخدّ عيناها

     بكت من الفقر فاحمرّت مدامعــها*****واصـــفرّ كالورس من جـوع محيّاها

     مات الذي كان يحــميها ويسعدها*****فالــــــدّهر من بعده بالفقر أشقاها

     ومنظر الحزن مـــــقرون بمنظرها*****والبـــــــــؤس مرآه مشهود بمرآها

     كرّ الجـــــــديدين قد أبلى عباءتها*****فانشقّ أسفلها وانشقّ أعــــــلاها

     ومزّق الدّهر،ويــــل الدّهر،مأزرها*****حتّى بدا من شقوق الثّوب جنــباها

     تمشي بأطــمارها والبرد يلسعها*****كأنّه عــــقرب شـــــــــــالت زباناها

     حتّى غدا جسمها بالبــرد مرتجفا*****كالغصن في الرّيح،واصـطكّت ثناياها

      تمشي وتحمل باليسرى وليدتها*****حــــملا على الصّدر مدعوما بيمناها

     إذ قـــمّطتها بأهـــــــدام ممزّقة*****في العين منظرها بــــؤس ومطواها

    ما أنس،لا أنس أنّي كنت أسمعها*****تشكو إلى ربّـــــــــــها أوصاب دنياها

     تقول يا ربّ لا تـــــــــترك بلا لبن*****هذي الرضــــــــــيعة وارحمني وإيّاها

                                                                   الشاعر العربي

samedi 2 novembre 2013

هل أصبح المغرب قا ب قوسين أو أدنى من دخول نا دي الدوّل المصدّرة للغاز؟؟؟

       هل أصبح المغرب قاب قوسين أو أدنى من دخول نادي الدوّل المصدّرة للغاز؟؟؟؟

 نشرت حريدة الأخبار ما مفاده أنّ المغرب قد اكتشف خبراؤه في الجيولوجيا احتياطيا هامّا من الغاز يعتقد أنّه سيقلب التوازن الطاقي في منطقة شمال افريقيا،بالإضافة إلى عوائده المالية وما ستحدثه من تحوّلات اقتصادية واجتماعية وتأثيرات مهمّة  أيضا على المستوى السياسي.والغريب في الأمر أنّ الحكومة المغربية التزمت الصّمت ولم تعقّب على هذه الأخبار ممّا يؤشر إلى أنّ ما أوردته هذه الجريدة قد يكون صحيحا بنسبة عالية في ظلّ التكتّم الذي اختارته حكومتنا حتّى لا يعرف الشعب المغربي رأسه من رجله.

 أجل،هذا ما يمارس منذ أمد بعيد،فنحن لم نتعوّد الشفافية والحقّ في الحصول على المعلومة،وهذه الممارسات المتحضّرة لم تصل بعد إلى تقاليدنا وأعرافنا السياسية،فهي تقاليد مشتقّة من المواطنة الصادقة التي لم نتذوق طعمها بعد.كنّا ومازلنا وسنظلّ محرومين من موقع إعرابي في الحياة،عكس الشعوب الحرّة التي أصبحت مصدرا للسّلطة،من خلال خضوعها لسيّادة القانون في دولة الحقّ والقانون.وهذا المناخ الموبوء الذي أصاب عقولنا وضمائرنا سببه التخلّف والانحطاط والفساد والاّمبالاة.بماذا يفسّر تعثّر الحكومة،منذ سنتين وزيادة، في إعداد قوانين تنظيمية لمواد الدستور الجديد؟أليس من حقّ المواطنين الذين صوّتوا بنعم لهذا الدستور أن يعرفوا لماذا توقّفت عجلة الإصلاح المؤسسي؟وما مصير الديمقراطية في بلادنا؟قال الشاعر:

                    لا تنه عن خلق وتأتي مثله****عار عليك إذا فعلت عظـــيم

 لقد كان حزب العدالة والتنمية في الماضي من المعارضين الملحّين على الإصلاح الدستوري والمؤسسي للدولة لكنّه انقلب على مواقفه واختار عدم الخوض في إعداد قوانين تنظيمية للدستور المصوّت عليه بنعم،الأمر الذي أظهر ضعف الأحزاب السياسية االمغربية في مسايرة متطلبات وطموحات المواطنين.وهكذا مفارقات ستفرز إيقاعا شعبيا سيؤدّي حتما إلى ارتفاع منسوب المظاهرات والاحتجاجات،ممّا قد يجرّ الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه.وما يحدث من اعتصامات ومظاهرات وإضرابات عمّالية في العديد من المدن المغربية، وعلى رأسها الرباط ،ينذر بقرب تفجّر الوضع في بلادنا إذا لم يأخذ المسؤولون بعبر الآخرين.قال الشاعر:

             وأغزر الناس عقلا من إذا نظرت****عيناه أمرا غدا بالغير معتبرا

 وأكيد أنّه حتّى وإن تحوّلت مياه البحر إلى غاز وبقي الحال على ما هو عليه فإنّ الاكتشاف المزعوم لن ينفعنا بشيئ،في ظلّ غيّاب الديمقراطية بمدلولها الحقيقي.فالانتخابات من المستحيل أن تسلم من الرشـــــــــــــــــــــوة والـــــــتزوير،مالم  تـــــــــــــتوفّر
   إرادة سياسية عليا لوقف هذه الممارسات المنحرفة،وكلّما تلوّثت الانتخابات بهكذا ممارسات كلّما طال عمر الفساد والإفساد وتضاعف احتمال وقوع الواقعة التي ليس لوقعتها كاذبة.

                                                            محمد الدبلي الفاطمي





dimanche 27 octobre 2013

هنـــــيـــهـــا ت مع همّـــــــا م بــن غــــا لـــب الفـــــــرزدق

واسمه همّام بن غالب بن صعصعة دراميّ من أشراف تميم ولد سنة 659م .والفرزدق كنية لقّب بها لجهومة وجهه.والفرزدق معناه قطع العجين.وكان الفرزدق غليظ الطباع قبيح المنظر سيئ المخبر،قاذفا للمحصنات،خبيث الهجو.وكان مهيبا تخافه الشعراء.وقد يحتجّ البعض في تقديمه على أنّه  يميل إلى جزالة الشعر  وفخامته وشدّة أسره.والفرزدق أكثر الشعراء مقلّدا ،وهو المقلّد المشهور الذي يضرب به المثل ومن قوله:

                         وكنّـــــا إذا الجبّـــار صعّـــر خـــدّه****ضربناه حتّى تستقــــيم الأخادع
                              
وقوله:             وكنت كـذئب السّوء لــــمّا رأى دما****بــصاحبه يوما أحال علـــى الدّم

                         ترى كلّ مظــــــلوم إليـــــنا فراره****ويهــــــرب منّـا جهده كلّ مظلم

وقوله :             ترى النّاس ما سرنا يسيرون حولنا****وإن نحن أومأنا إلى ألنّاس وقّفوا

 وللفرزدق القصائد العصماء التي مازالت تشهد له بطول الباع  وحنكة النّظم واتّساع المعجم  ومتانة البنية وشساعة الحيال،يتجلّى كلّ ذلك في قصيدته الغرّاء والجوهرة العذراء ميميته التي مدح فيها حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلّم زين العابدين حيث قال:

                      هذا الذي تعرف البطحاء وطــــــــأته****والبيت يعرفه والــــــحلّ والحرم

                      كلّ ابن خير عبــــاد الله كلّــــــــهم****هذا التّقيّ النّقيّ الــــطّاهر العلم

                     إذا رأتـــه قريــــش قال قائلـــــــها****إلى مــــكارم هذا ينتـــــهي الكرم

                     ينمــى إلى ذروة العزّ التي قصرت****عن نيـــلها عرب الإسلام والعـــجم

                     يكاد يمسكه عــــرفان راحـــــــته****ركن الحــــــــطيم إذا ما جاء يستلم

                     في كـــــفّه خيزران ريحــــه عبق****من كــــــفّ أروع في عرنينه شمم

                    يغضي حياء ويغـــضى من مهابته****فما يـــــكلّم إلاّ حـــــين يبتـــــــسم

                    ينــــشقّ نور الهدى من نور غرّته****كالشّمس ينــجاب عن إشراقها القتم

                    مشتقّة من كرام القوم نبـــــعته****طابت عــــناصره والخـــــــيم والشّيم

                    هذا ابن فاطمة إن كنت تجـــهله****بجـــــدّه أولــــياء الله قد خـــــــــتموا

                    ألله شرّفه قــــدرا وعظّـــــــمه****جــــرى بذاك له في لـــــــوحه القلم

                   وليس قـــــولك من هذا بضائره****ألــــعرب تعرف من أنكرت والعـــــــجم

                   كلتا يديه غياث عـــــــمّ نفعهما****يستوكــــفان ولا يعــــروهما عـــــــدم

                   سهل الخليقة لا تخشى بوادره****يزينـــــه اثنان حسن الخـــلق والشّيم

                   حمّال أثقال قــــوم إذا اقترضوا****حلــــو الشّمائل تحلو عنــــــــــده نعم

                   ما قال لا قـــطّ  إلاّ في تشهّده****لولا التّــــشهّد كانــت لاءه نـــــــــــــعم

                  عمّ البرية بالإحسان فانقشعت****عنها الغــــــــــــــياهب والإملاق والعدم

                  من معشر حبّهم دين وبغضهم****كفر وقـــربهم منجى ومــــــــــــــعتصم

                 إن عدّ أهل التّقى كانوا أئمّتـهم****أو قيل :من خيــــــر أهل الأرض قيل:هم

                 لا يستطيع جواد بعد غايتــــهم****ولا يدانيــــهم قـــوم وإن كـــــــــــــرموا

                 هم الغــــيوث إذا ما أزمة أزمت****والأسد أسد الــــــشّرى والبأس محتدم

               لا ينقص العسر بسطا من أكفّهم****سيّـــــان ذلك إن أثــــــــــروا إن عدموا

                مقـــــــــدّم بعد ذكر الله ذكرهم****فــي كلّ بــدء ومخـــــتوم بـــــه الكلم

               يأبى لهم أن يحــلّ الذّمّ ساحتهم****خلــــق كريم وأيــــد بالنّدى هــــــضم

               أيّ الخـــلائق ليست في رقابهم****لأوّلـــــيّة هـــذا أو لـــــه نـــــــــــــعم

              من يعــــــــرف الله يعرف أوّليّة ذا****فالـــــدّين من بيـــت هـــذا ناله الأمم

والفرزدق عرف بسلاطة لسانه وهجوه الاّذع ،فقد كانت تهابه الشعراء ولم يكن أحد من الشعراء يستطيع مواجهة هجوه الخبيث إلاّ جرير الذي قال فيه ذات يوم:

           قد قيل:إنّ الفـــــــــــــرزدق حـيّة****وليس من قــــــــــــــتل الحيّات قبلي

ترك الفرزدق ثروة كبيرة من الأشعار تنوّعت بين المدح والهجو والفخر ،وقد اعتبر النقّاد هذا الشاعر الكبير من الشعراء المقدّمين نظر لجزالة شعره وفخامته.وتوفي رحمه الله في البصرة بالعراق سنة729م.

                                                                      محمد الدبلي الفاطمي

               

                     

                                                                         

samedi 26 octobre 2013

أيّــــــها الـــــشّـــــوق

                 إهدئي يا عواصف الشوق

                   إهدئي ياعواصف الشوق في قلبي فلن تملكي لماض رجوعا

                    آه هيـــــهات أن يعود ولو أفنيت عمري تــــحرّقا وولــــــــــوعا

                    آه هيـــــهات أن يعـــود ولو ذوّبــــت قلـــبي صبابة ودمــــوعا

                    فاهــــدئي الآن من عواصـــفك الهـــوجاء جبّاره تدكّ الضّـلوعا
                                            *****************************
                    رحمة يا نوازع الـــشوق لو ناديت ماضي ما وجـــــدت سميعا

                     أسدل القلب دونه ألــــف ستر عبرات ومثـــــــــــــلهنّ نجيعا

                     رحمة يا نوازع الشوق لو حاولت بعث الهـــــوى فلن أستطيعا

                     كيف يحيا زهر ذوى في إناء بات فـــي قبضة الحـــــياة صديعا
                                           *****************************
                     رحمة يا عـــــــــواصف الشوق بالقلب فما يستطيع نـــــزوعا

                    إن تكوني أحبــــــبته فدعيه ناعــما بالكرى رضـــــــــيا قنوعا

                   نسي الأسى أو سلا فتعالي نجـــث صمتا من حوله وخشوعا

                   أو فكوني في حلمه الزّهر والأنغام والخمر والعروس الـشّموعا
                                         *****************************
                   أيّــــها الزّائر المسافر ما ألــــقاك أحسنت بالـــمزار صـــــــنيعا

                   ما أرى في سمات وجهك إلاّ شبحا رائعا وحلــــما وجـــــــــيعا

                يتــــــوقّاه ناظري كأنّي فيه ألقــــى آلام عـــمري جـــــــــميعا

                    طال ليلـــــــي فما طــــــويت هـــــزيعا منه إلاّ نشزت هــــزيعا
                                        *****************************
                    أيّها الشّــــوق خلّ عــــــنك ودعني وامض لا خادعا ولا مخدوعا

                    أين هذا الجــــــــمال أرعاه كالــــبرق خــــــــلوبا وأجتليه لموعا

                   أين هذا الخـــــــيال أسقاه كأسا بيد منه فــــجّرت ينــــــــــبوعا

                   أين لا أين؟ما عنائي بالذكرى ،وقد أصبح الــــوهوب مـــــــــنوعا
                                       *****************************
                  عدت يا شوق لي  وعادت لياليك ولكن وجــــــدت قلبا صــــــريعا

                   عدت من بعد لوعة أحرقـــــــــته وجـــفته على الرّماد ضــــجيعا

                   ولـــيال من الــــفراغ عــــــوات هـــــرأته ثلوجـــــــــــهنّ صقيعا

             عدت يا شوق، فيم عدت؟ ربيــــــــع العمر ولّى، فهل تعيد الرّبيعا؟

                                            محمد الدبلي الفاطمي

               

mercredi 23 octobre 2013

هـــــل تــــســـعـــى إســـــرائــــــيـل إ لى ابــــتـــلاع القــــــدس والضــــفّـــة والخــــليل؟؟؟

        إسرائيل والعالم العربي العليل

لو قدّر لأيّ مفكّر، في بداية العقد الثامن من القرن الماضي،رسم صورة لما هو عليه العالم العربي اليوم  لاتّهم بالهلوسةوالحماقة والجنون.ذلك أنّ حجم التحوّلات التي عرفها العالم العربي كبيرة لدرجة أنّ أكثر التوقّعات تطيّرا ما كان لها أن تتوقّع ما نحن عليه اليوم.
 إنّ الزّلزلة النّوعية التي تلقّتها دول وحكومات العالم العربي في السنوات الأخيرة بحاجة إلى الكثير من التّأمّل والتفكير والاستعداد لاستخلاص الدروس والعبر.قهناك عالم  يعاد تشكيله ،وموقع الدوّل من هذا التّشكيل يتحدّد بمقتضى أدائها السياسي والاقتصادي والاجتماعي...إلخ.وهناك نظام  عالمي في طريقه إلى الانهيار ،وآخر يولد من جديد وإن لم تتشكّل ملامحه النهائية،والكلّ في سباق محموم بغية احتلال المواقع المتقدّمة والأفضل في سلّم  التّشكيل الجديد،بينما تشير المتغيّرات إلى أنّ العالم العربي يسير نحو مزيد من التشرذم والانقسام والتّهميش،باستثناءات نادرة،في ظلّ العولمة التي مابرحت تضرب الأرض في كلّ مكان.وهكذا سيتمّ إعادة إنتاج تبعية بقيود جديدة.
 وتحت وطأة هذه التحوّلات تدلّ كلّ المؤشرات على أنّ المعادلة الدوليةالقادمة في عمقها معادلة اقتصادية،وما كان يعتمد عليه دول العالم الثالث في المعادلة الاقتصادية السابقة كمصدر للمواد الأولية،خرج من المعادلة.فالنّجاح الا قتصادي الذي شهده العالم في العقود الأخيرة عمل على  إلغاء النظام الاقتصادي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية.ذلك أنّ التيكنولوجيا الجديدة نسفت كلّ الاستراتيجيات القديمة للنّجاح الاقتصادي،ممّا جعل الثورة الخضراء تقلّل من أهمّية المواد الطّبيعية في التنمية الاقتصادية،على اعتبار أنّ توافر المواد الطبيعية في بلد ما لم يعد من الممكن جعله غنيا،كما أنّ عدم توافرها لدى بلد ما لم يعد حائلا دون أن يصبح غنيا.فالتطوّرات المذهلة عرفتها علوم التّقانة قلبت الحسابات رأسا على عقب،بحيث ما كان ميّزة في السّابق تحوّل إلى عيب،بعد أن حسمت مسألة الموادّ الأولية التي لن يكون لها،مستقبلا،مكان للمنافسة في هذا القرن الجديد الذي أصبحت فيه مهارات قوّة العمل والتّعليم هي الأسلحة التنافسية الأولى.
 وبفعل ضخامة التّحدّي الاقتصادي المطروح على الدّوّل العربية ،وفي ظلّ ما يجري في عالمنا اليوم،فإنّ الصّورة تبدو قاتمة بسبب ضعف وتفكّك العلاقات العربية-العربية،وهو الأمر المهدّد للدوّل العربية بالتّهميش الكلّي،وإخراجها من أيّ منافسة بجكم عدم ملاءمتها للعالم القادم.
لقد غرقت الأنظمة العربية الفاسدة في مستنقع من الضعف الظّاهر  النّاجم عن تدنّي مستوى عيش مواطنيها جرّاء تدهور اقتصادياتها المبنية على الرّيع والفساد وسوء التدبير.وهذه الصورة السلبية لعالمنا العربي جعلت التّحدّيات التي نواجهها أكبر من التّحديّات التي تواجهها مناطق أخرى من هذا العالم .فأمامنا حزمة كبيرة من المشكلات المتشابكة والمعقّدة التي علينا أن نتخطّاها حتّى نستطيع أن نواكب المستجدّات ،وأن تكون لنا العدّة والقدرة الكافيتان للسّير عبر مسالك التطوّر المتشعّبة بغية تجاوز المثلّث الذي تتألّف رؤوسه من:التحدّي السيّاسي،والتّحدّي الاقتصادي،والتّحدّي الأمني.
 أمّا الفكر الأمريكي الاستراتيجي فنجده،بعد خروج الولايات المتحدة منتصرة في الحرب الباردة،تسيطر عليه نزعة الأولوية للمصالح الأمريكية في كلّ بقاع العالم،بحيث أصبح العالم كلّه ميدانا رحبا للمصالح الأمريكية.وينطلق التّصوّر الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من هذه النّزعة التي تعمل على حماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة ولو كان ذلك على حساب الشعوب المستضعفة.ومن وجهة نظر الأمريكيين فإنّ منطقة الشرق الأوسط تعتبر مصلحة أمريكية حيوية عظيمة ممّا جعل إسرائيل شرطيا أمريكيا بالوكالة في المنطقة.ذلك أنّ منطقة الشرق الأوسط تشكّل جسرا رابطا بين أروبا وآسيا إفريقيا،كما تهيمن هذه المنطقة الحسّاسة على أكبر احتياطي نفطي في العالم،أضف إلى ذلك أنّ المنطقة العربية تملك أهمّ نقاط المرور في العالم كقناة السويس ومضيق هرمز.وهذه الميّزات هي التي ظلّت توجّه بوصلة الفكر الأمريكي والتي استمرّت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قصد الحصول على المزيد من القواعد العسكرية الأمريكية ومواطئ قدم  استراتيجية من خلال أصدقائها وحلفائها في المنطقة.
 أمّا التصوّر الإسرائيلي للمنطقة فينطلق من تعزيز التفوّق الإسرائيلي وتوسيعه من دائرة التفوّق العسكري إلى الدّوائر السياسية والاقتصادية من خلال السعي الإسرائيلي الحثيث لإدماج كيّانها في المنطقة ولعب دور محوري في ذات السيّاق.ويعتمد هذا التصوّر في إمكانية إنجازه على الضعف العربي الذي خلّفته حروب الصراع العربي-الإسرائيلي.لذلك يتوحّب،من وحهة نظر إسرائيل ،أن يتكيّف العرب مع الوقائع الجديدة.وهذه الرؤية موحودة سواء عند اليسار الإسرائيلي الذي يمثله حزب العمل أو اليمين الإسرائيلي الذي يمثله الليكود الذي مازال يكافح باستماتة من أجل ترسيخ التفوّق الإسرائيلي بصلف ووقاحة،إيمانا منه بأنّ المنتصر يجب أن يجني ثمار النصر والمهزوم يتحتّم عليه أن يدفع الفاتورة.والفاتورة هي أن تلتهم إسرائيل القدس والضّفّة والخليل.
 إنّ حزب الليكود الإسرائيلي يرفض فكرة الأرض مقابل السّلام لأنّه يعتقد أنّ هذا المبدأ  أدّى إلى تراجع مكانة إسرائيل الاستراتيجية والسيّاسية،لذلك يلاحظ أنّ نتنياهو يحاول استعادة مفاهيم الحرب الباردة ليدفع بالمنطقة إلى حافّة الحرب.وهذا التهديد والوعيد والمناورات الكلاميةهدفها الضغط على الحكّام العرب الضعفاء ليتخلّوا عن الأرض مقابل السّلام  ويكون السلام مقابل السّلام من دون المطالبة بالأرض لأنّ الأرض، من وجهة نظر اللّيكود ،ضرورة حتمية لأمن إسرائيل.
 وبهذا الأسلوب المغلّف بالدّهاء الإسرائيلي تسعى الدولة العبرية إلى استثمار كلّ مميّزات القوّة من أجل خلق شرق أوسط جديد  غايته تعزيز  هذه المميزات،ودعم دور إسرائيل الإقليمي.وأكيد أنّ مصادقة الكنيست الإسرائيلي مؤخّرا على عدم التفاوض مع الفلسطينيين
بشأن القدس يعكس بوضوح ما تشتغل عليه إسرائيل منذ ولادتها.لذلك يعتبر مستقبل المنطقة مرهونا بأداء دولها وحكوماتها في مجال العمل الجماعي التكاملي المشترك.وعلى الرّغم من المؤشرات السلبية في الواقع العربي الرّاهن،إلاّ أنّ المستقبل ليس مفروضا على الشعوب العربية كما بيّن ذلك الربيع العربي.فالبشر بمقدورهم أن يصنعوا تاريخهم،وأن يكون لهم دور في تقرير مصيرهم ،وبناء مجتمعاتهم.والإرادة الفاعلة القادرة على التغيير والإنجاز يجب أن تكون جزءا أساسيا من الواقع العربي القادم.إرادة تحدّد أهدافها وتعمل على إنجاز هذه الأهداف،من خلال رؤية أفقية وعمودية متكاملة تربط بين الواقع والمستقبل الذي ينتظرنا.ودراسة المستقبل ليست هروبا من مواجهة الواقع،بل هي تنبيه إلى المشكلات التي تتخطّى هموم الحاضر الثقيلة،والتي تفرض علينا عدم الاكتفاء بمواجهة ما هو آني وعاجل،بل تضع في حساباتها تحدّيات المستقبل وأزماته ومخاطره.فإن لم نخطّط  لمستقبلنا فسوف يخطّطه لنا الآخرون.والتخطيط الاستراتيجي للمستقبل  أن يتشكّل من عناصر متعدّدة،سياسية،واقتصادية،وثقافية،وتكنولوجية....إلخ،طالما أنّنا نسعى لبناء المستقبل  على المدى البعيد.والبشر هم المصدر الرئيس للاستراتيجية التي توصف بأنّها العمل على ربط الواقع بالطّموح.لذلك فهي تحتاج إلى كلّ الخبرات التاريخية للشعوب واستثمارها في إنتاج صورة المستقبل على أفضل وجه.

                                                                محمد  الدبلي  الفاطمي 

dimanche 20 octobre 2013

نـــــــــــــزهة الأدب فــــــي أشعا ر لامية العرب لزيـــــن الد يــــن ابن الوردي

                        نزهة الأدب في أشعار لا مية العرب لزين الدين ابن الوردي

هو زين الدين عمر،شاعر فحل اشتهر بقصيدته العصماء"لامية الأدب".ولد في معرّة النعمان ببلاد الشّام بسوريا سنة1289م ونشأ وتعلّم فيها فأصبح من ألمع شعراء عصره.وقد عرف بحكمته السديدة ومعرفته المتنوعة،وله القصائد الكثيرة،لكنّ شهرته كانت بلاميته المشهورةوالتي تقع في سبعة وسبعين بيتا،كما ألّف في التاريخ"تتمّة المختصر في أخبار البشر"،بالإضافة إلى مؤلّفه النّفيس"اللّباب في الإعراب"،ناهيك عن شرحه لألفية ابن مالك وشرح ألفية ابن المعطي.وهذه لاميته المشهورة يقول فيها:

                      إعـــــــتزل ذكر الأغاني والغزل*****وقل الحــــــقّ وجانب من هزل

                       ودع الــــــــذكرى لأيّام الصّـــبا*****فلأيّام الصّــــــــبا نجـــــم أفـل

                       واتـــــــــرك الغادة لا تحــفل بها*****تمـــس في عـزّ جلــيل وتـجل

                       وافتكر في منتهى حسن الذي*****أنت تهــــواه تجـــــد أمــرا جـلل

                        واهجر الخــــمرة إن كنت فتى*****كيف يسعى في جنون من عقل؟

                         واتّـــق الله فتـــــــقوى الله ما*****جاورت قلــــب امرئ إلاّ وصــــل

                         ليس من يقــــــطع طرقا بطلا*****إنّــما من يتّــق اللّـه البــــــــطل

                        كتب الموت على الخلــق فكم*****فلّ من جيـــــش وأفنى من دول

                         أين نــــمرود وكنــــــعان ومن*****ملـــــك الأرض وولّـــــــى وعزل؟

                        أين من سادوا وشادوا وبنــوا؟*****هــلك الــــكلّ ولـــم تغــن القلل

                       أين أرباب الحــجى أهل النّهى؟*****أين أهل العــــــــلم والقوم الأول؟

                       سيعـــــــيد الله كـــــلاّ منهمو*****وســــيجزي فاعلا ما قد فــــــعل

                       يا بني اسمع وصايا جمـــــعت*****حكما خـــصّت بها خــــــــير الملل

                      أطلب العـــلم ولا تكسل فــــما*****أبعد الخيــــر علــــى أهل الكسل

                       واحتفل بالفـــقه في الدّين ولا*****تشــــتغل عنـــه بمال وخـــــــول

                      واهجر النّوم وحـــــــصّله فمن*****يعرف المــــطلوب يحـــــقر ما بذل

                       لا تــــقل قد ذهبــــــــت أيّامه*****كلّ من سار علــــــى الدّرب وصل

                      في ازدياد العلـــم إرغام العدى*****وجـــمال العلم إصــــــــلاح العمل

                       جمّل المنطق بالنّــــحو  فمن*****يحرم الإعـــراب بالنّطق اخــــــتبل

                       وانظم الشـــعر ولازم مذهبي*****في اطّراح الرّفد لا تبــــــــغ النّحل

                       فهو عـــنوان على الفضل وما*****أحـــــسن الشّـــعر إذا لـم يبــتذل

                       ملك كسرى عنه تغني كسرة*****وعـــن البــــحر اجـــتزاء بالوشــل

                        إطرح الدنيا فمـــــــن عاداتها*****تخفـــض العالي وتعلي من سفل

                       عيشة الرّاغب في تحــصيلها*****عيــــشة الجاهل فيــــــــها أو أقل

                        كم جهول بات فيـــــها مكثرا*****وعلــــيم مات منـــــها بعــــــــــلل

                        كم شجاع لم ينل فيها المنى*****وجـــبان نـــال غــايات الأمــــــــل

                        فاترك الحــــيلة فيها واتّكـــل*****إنّـــما الحــــيلة في تــــرك الحـيل

                        لا تقل أصلي وفـــــصلي أبدا*****إنّـــما أصـــل الـــفتى ما قد حصل

                       قـد يسود المـــرء من دون أب*****وبحــــسن السّبك قد ينفى الزّغل

                      إنّما الورد من الشّـــــــوك وما*****ينبت النّـــرجس إلاّ من بـــــــــصل

                       قيمة الإنسان ما يحــــــسنه*****أكثــــر الإنسان مـــــــنه أم أقـــــل

                       بين تبـــــذير وبخل رتــــــــبة*****وكـــــــــلا هذيــــن إن زاد قتــــــل

                       ليس يخلو المـــرء من ضدّ ولو*****حاول الــــــعزلة في رأس جـــــبل

                       دار جار السّـــــــوء بالصّبر وإن*****لم تـــجد صبرا فما أحلى النـــــقل

                       لا تل الأحكام إن هــــم سألوا*****رغـــــبة فيك وخالف من عـــــــذل

                       إنّ نصـــــف النّاس أعداء لمن*****ولـــي الأحـــــكام هذا إن عــــــدل

                       قصّـــــر الآمال في الدنيا تفـز*****فدليل العــــقل تقـــــــــصير الأمل

                       غب وزر غبّــــا تزد حبّا فـــمن*****أكــــثر التّرداد أضــــــــــــناه الملل

                       لا يضرّ الفــــــــضل إقلال كما*****لا يضرّ لبشّمس إطبــــــاق الطّفل

                       خذ بنصل السّيف واترك غمده*****واعتــــــبر فضل الفتى دون الحلل

                       حبّك الأوطان عـــــــجز ظاهر*****فاغتـــــرب تلــــــق عن الأهل بدل

                      فبمكــــــــث الماء يبقى آسنا*****وسرى الــــبدر به البـــدر اكتـــمل

هذا هو الشاعر العلاّمة الحكيم  زين الدين ابن الوردي.وقصيدته التي بين أيدينا تكشف عن حكمة الرّجل وموسوعته الفكرية.فهو النحوي وهو المؤرخ والفيلسوف والشّارح والفقيه وهلمّجرّا.ومازالت مؤلفاته إلى يومنا هذا تعتبر من المراجع المهمّة في معرفة أحوال الماضين وسنن الأسلاف الغابرين وفوائد الدنيا والدين.

                                                                     محمد الدبلي الفاطمي 

                                     

                        

                    


vendredi 18 octobre 2013

لحـــــــظا ت في الأنـــــــدلــــس مع أبــــي الـــولــــيـــد بن زيــــدون

                               لحظات في الأندلس مع أبي الوليد بن زيدون

هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي القرطبي الشاعر المشهور ، ولد بقرطبةسنة 966م، وكان غاية في المنثور والمنظوم ،وخاتمة شعراء بني مخزوم.أخذ من حرّ الأيّام دهرا،ففاق الأنام فطنة وطرّا ،واتّسع في البلاغة والبيان نظما ونثرا،إلى أدب فاق البحر تدفّقه،وعلا فوق البدر تألّقه،ونظم شعرا تجاوز السحر بيانه،فعجز عن مسايرته أقرانه.أمّا نثره فكان غريب المعاني،شعريّ الألفاظ والمباني،أظهر فيه بلاءه،وأضاء بنبوغ فكره سماءه.ولم لا وقد كان من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة الأندلس .برع أدبه وحاد شعره وعلا شأنه وانطلق لسانه،ثمّ انتقل من قرطبة بدعوة من المعتضد بالله عبّاد صاحب اشبيلية فجعله من خواصّه يجالسه في خلواته،ويركن إلى إشاراته إذ كان معه في صورة وزير .وله قدر كثير من الرسائل والنظم ومن ذلك قوله:

                 يا بائعا حظّه منّـــــي ولو بـــدلت*****لي الحياة بحظّــــي منه لم أبع

                 يكفيك أنّك إن حمّلت قلــــــبي ما*****لا يستطيع قلوب النّاس يستطع

                 ته أحتمل واستطل أصبر وعزّ أهن*****وولّ أقبل وقل أسمع ومر أطـــع

ومن أروع ما جادت به قريحة ابن زيدون في باب النظم رثاؤه الأندلس حيث ضمّن أشعاره حبّه لولاّدة بنت المستكفي وشكواه من أثر ابتعادها عنه.يقول في نونيته المشهورة:

                  أضحى التّنائي بديلا عــــن تدانينا*****وناب عن طـــــــيب لقيانا تجافينا

                   بنتم وبنّا فما ابتلّـــــــــت جوانحنا*****شوقا إليكم ولا جفّـــــــت مآقينا

                    تكاد حين تناجيــــكم ضــــمائرنا*****يقضي علينا الأسى لولا تآســينا

                    حالت لبعــــــدكم أيّامـــنا فغدت*****سودا وكانت بكـــم بيضا لـــــيالينا

                     بالأمس كنّا وما يخشــى تفرّقنا*****واليوم نحـــن وما يرجـــــى تلاقينا

وقد تورّط ابن زيدون في إشعال نار التمرّد التي زلزلت أساس الدولة الأموية في الأندلس،فقامت على أنقاضها دولة بنو جهور في قرطبة.وهذا ما قرّبه من مؤسسها الذي أناله لقب "ذي الوزارتين".ومعلوم أنّ ابن زيدون ورث عن أبيه ميله وحبّه للآمازيغيين فكان من المدافعين المخلصين عنهم وعن حقوقهم،وبذلك كان دائم الوقوف إلى جانبهم.وقد قضى ابن زيدون حياته بين قرطبة واشبيلية،ومدح أمراءها بقصائد كثيرة .وكانت شهرة شعره بسبب ولاّدة بنت المستكفي التي كان لها أثرا عظيما على فنّه وحياته،بحيث كان ينافسه في حبّها الوزير  ابن عبدوس.وقد حرّض عليه هذا الأخير الملك فسجنه،فهرب ابن زيدون من السجن بعد أن تأكّد من أنّه لن يظفر بعفو الملك عنه.واتّجه ابن زيدون إلى قصر الوليد وحظي عنده بمكانة عالية،ولم يدم استقراره عنده طويلا مخافة وشي الحسّاد،فخرج يجوب بلاد الأندلس حتّى اتّصل بالمعتضد صاحب اشبيلية فولاّه الوزارة،وخدم من بعده ابنه المعتمد،وهكذا استطاع حسّاده النّيل منه.وهذه قصيدة ابن صمادح إلى المعتمد يغريه بقتل ابن زيدون،يقول فيها:

                     يا أيّها الملك العلـيّ الأعــــظم *****إقـــطع وريدي كلّ باغ ينـــــــــــــئم

                     واحسم بسيفك داء كلّ منافق*****يبـــــدي الجميل وضــــدّ ذلك يكـــتم

                      لا تحقرنّ من الكلام قلـــيـــله*****إنّ الـــــكلام له سيـــــــوف تكـــــلم

                       فاحسم دواعي كلّ شرّ دونه*****فالدّاء يســـــري إن غدا لا يحــــــسم

                        كم سقط زنـــد نما حتّــى غدا*****بركان نار كـــلّ شيــــــــئ يحـــــطم

                       وكذلك السّــيل الجـــحاف فإنّما*****أولاه طــــلّ ثمّ وبـــــل يســـــــــجم

                      واذكر صـــنيع أبــيك أوّل مـــــرّة*****في كلّ متّـــــهم فإنّك تعلـــــــــــــم

                      لم يبق منــــهم من توقّع شــرّه*****فصــــفت له الدّنيا ولذّ المـــــــــطعم

                     قد قال شاعر كندة في ما مضى*****بـــــيتا على مـــرّ اللـــيالي يعـــــلم

                     لا يسلم الشّرف الرفيع من الأذى*****حتّــــى يراق علــى جوانبه الـــــدّم

                     فاجعله قدرتك التي تعــــــــتادها*****في كلّ ما يبـــــــــــقي ورأيك أحكم

                     واسلـــم  على الأيّام إنّـــــك زينها*****وجـــمالها والـــــدّهر دونك مــــــأتم

                      لا زلت بالنّــــصر العزيز مهـــــــنّئا*****والدّين عن محـــــمود سعيك يبسم

 فما أن وصلت هذه الدّسائس والتّهم التي اتّهم بها ابن زيدون المعتمد حتّى فعلت في نفسه فعلها وتركت في أحشائه أثرها،فما كان إلاّ أن أرسله الأمير إلي اشبيلية حيث كانت قد شبّت فيها الثورة ضدّ اليهود.وكان الهدف من وراء إبعاده، فصله عن الآمازيغيين الذين كان يتزعّمهم في قرطبة ،والدّفع به إلى جحيم الثورة في اشبيلية ليلقى حتفه هناك.وبقي هنالك إلى أن وافته المنية بهذه المدينة الثائرة سنة1014م.
 ترك ابن زيدون ذخيرة أدبية وشعرية مفعمة باليواقيت والمرجان منها ديوان شعره الذي جمعه كلّ من الأستاذ كامل الكيلاني والأستاذ عبد الرحمان خليفة،ورسائله البليغة التي من أشهرها "رسالته الاستعطافية".وقد اعتبر ابن زيدون من أكبر شعراء الأندلس وأشهرهم،بحيث امتاز شعره بالعاطفة الجيّاشة والوجدان الصّادق ،وهو ما يلاحظه القارئ في أبياته الشعرية التي تكاد تفيض رقّة وحيوية.أمّا مدحه فقد سلك فيه مسلك المشارقة،أضف إلى ذلك أنّ إبداعه في الوصف كان إبداعا خلاّقا وآية في الحسن والجمال وهو ما تعكسه أوصافه لطبيعة بلاد الأندلس الخلاّبة وقصورها الفاتنة.وقد قال قرطبة:

                       أقرطبة الغرّاء هل فيك مطمــــــــع*****وهل كبد حرّى لبــــــــينك تنقع

                                                 وهــــل للـــياليك الحمــــــيدة مرجــــــع

                        إذا الحسن مرأى فيك واللهو مسمع****وإذا كــــنف الدّنيا لديك مــــجمّع

 ومن الملا حظات التي يمكن الحديث عنها في نثر ابن زيدون سقوطه في الإطناب والسّجع وضربه الأمثال وميله إلى التّلميح بالأشعار والإشارات التاريخية.ومع ذلك فإن شاعرنا الكبير كان علما من أعلام الأندلس الخالدين الذين ستظلّ مكارمهم صرحا شامخا ،ونجما ساطعا في سماء الآداب الإنسانية جمعاء.

                                                                                            محمد الدبلي الفاطمي



                         



                                                                 

mercredi 9 octobre 2013

تـــــأ مّـــــلا ت في أشـــــعا ر الحــــــسن بن ها نئ المعــــــروف بـــأ بي نـــــوّا س

         تأمّلات في أشعار أبي نواس


 هو أبو علي الحسن بن هانئ المعروف بأبي نوّاس الحكميّ الشاعر المشهور ،ولد بالبصرة سنة 145هجرية،ونشأ بها ثمّ خرج إلى الكوفة ثمّ صار إلى بغداد فاستحلاه والبة بن الحباب،ورأى فيه مخايل النّجابة فصار أبو نواس معه.وكان يصحبه أينما حلّ وحيثما ارتحل،فنقل إليه الكثير من أخلاقه المتطرّفة وتصرفاته المنحرفة.ومعلوم أنّ جدّه كان مولى للجرّاح بن عبد الله الحكمي.وقد ذكر ابن عساكر في تاريخه أباه من أهل دمشق،من الجند،من رجال مروان بن محمد،انتقل إلى الأهواز من بلاد خوزستان فتزوّج فتاة اسمها"جلبان"فولدت له ولدين أحدهما أبو نوّاس،نشأ بالبصرة ولم يستطع حفظ القرآن نتيجة وفاة والده،فتخبّطت أمّه في الفقر والفاقة،فعمل مبكّرا عند أحد العطّارين،ولكنّ شغفه بالعلم ،وحبّه للمعرفة قاداه إلى مجالسة أعلام البصرة.فأخذ عنهم اللغة العربية والأدب ،ونظم الشعر.يقول ابن خلّكان:ما رأيت قطّ أوسع علما من أبي نوّاس.وأكيد أنّ هذا الأديب ترعرع ميالا إلى الخلاعة والمجون جرّاء معاشرته لصديقه والبة بن الحباب الذي كان سببه في الإصابة بعدوى هذه الأخلاق المنحلّة.وكانت رحلته إلى بغداد سببا في اتصاله بالبرامكة سنة804ميلاديةحيث مدحهم ،فنال جوائزهم القيّمة،واتّصل بالخليفة هارون الرّشيد ومدحه بقصيدة أنشدها إثر انتصار الخليفة في الحرب.وهكذا ظفر بشيئ من حبّ هارون الرشيد،ولكنّه مالبث أن سجنه بعد أن هجا قبائل عدنان.

 ولمّا أفرج عنه من السجن توجّه إلى دمشق،ومنها إلى مصر،فمدح أميرها،ثمّ عاد إلى بغداد فأقام فيها زاهدا يدعو الله الثواب والمغفرة.وروي عن أنّ الخصيب أمير مصر وصاجب ديوان الخراج سأل أبا نواس عن نسبه فقال:أغناني أدبي عن نسبي.وقال اسماعيل بن نوبخت: ما رأيت أبدا أوسع علما من أبي نواس ولا أحفظ منه مع قلّة كتبه.وأبو نواس من الطبقة الأولى من الموالين وشعره عشرة أنواع وهو مجيد في العشرة .وقد اعتنى بجمع شعره جماعة من الفضلاء منهم أبو بكر الصولي،وعلي بن حمزة. لذلك يوجد ديوانه مختلفا،ومع شهرة ديوانه لا حاجة لذكره في هذا المقام .وقال اسماعيل بن نوبخت:ورأيت في بعض الكتب أنّ المأمون كان يقول:لو وصفت الدنيا نفسها لما وصفت بمثل قول أبي نواس حيث يقول:

                ألا كلّ حــــــيّ هالك وابن هالك****وذو نسب في الهالكين عريق

                إذا امتحن اللّبيب الدّنيا تكشّـفت****له عن عدوّ في ثيّاب صـــديق 

 وكان محمد الأمين قد سخط  على أبي نواس لقضية جرت له معه فتهدّده بالقتل وحبسه،فكتب إليه من السّجن:

               بك أستـــــجير من الـــــــــرّدى****متعوّذا من ســــــــطو  بأسك

                وحــــــــــــــياة رأسك لا أعـــــــــــود لمثــــــلها وحيــــــاة رأسك

                 مــــــن ذا يكـــــــــــون أبا نوّ****سك إن قتـــــلت أبا نوّاســــــك

ولأبي نواس مع الأمين وقائع كثيرة ،وإنّما قيل له أبو نواس لذؤابتين كانتا تنوسان على عاتقيه .وقد وصفه أبو عبد الله الجمّاز فقال:كان أبو نواس أظرف النّاس منطقا،وأغزرهم أدبا،وأقدرهم على الكلام،وأسرعهم جوابا،وأكثرهم حياء.وكان أبيض اللّون ،جميل الوجه،مليح النغمة والإشارة،ملتفّ الأعضاء بين الطويل والقصير،مسنون الوجه قائم الأنف،حسن العينين والمضحك،حلو الصورة لطيف الكفّ والأطراف.وكان فصيح اللّسان جيّد البيان،عذب الألفاظ حلو الشّمائل كثير النوادر ،وأعلم النّاس كيف تكلّمت العرب،راوية للأشعار علاّمة بالأخبار كأنّ كلامه شعر موزون.ومن هجوه لأحد البخلاء يقول:

                أبو نوح دخلــــــــت عليه يوما****فغدّاني برائـــــحة الطّـــــــعام

                وقدّم بينــــنا لحما سمـــــينا****أكلـــناه على طبــــــــق الكلام 

                  فلمّا أن رفعت يدي سقاني****كؤوسا خـــــــــمرها ريح المدام

                 فكان كمن سقى الظمآن آلا****وكنت كــــمن تغدّى في المنام

 وأبو نواس من متزعّمي المدرسة الجديدة التي تدعو إلى عدم تقليد معاصريه من الشعراء،والتي تبنّت عامل الاندفاع النفسي الذي كان بشّار بن برد من متداوليه.وقد أضاف أبو نواس إلى هذه العامل نزعات تلائم الدّهر الذي يعيش فيه،كما أخذ التّجديد بوعي كامل.ومن  غيرالممكن القول بأنّه حذف من الشعر التقليدي كلّيا،بل كانت له أساليب اقتبسها ممّن سبقه،وذلك إرضاء لذوي السلطان وتقرّبا منهم.ولهذا السّبب جاء مدحه ورثاؤه تقليديا.ومن دون أدنى أيّ شكّ فأنّ الرّجل اعتنى عناية كبيرة ببابين وبهما اشتهر،وهما باب الطّرديّات وباب الخمريّات حيث كان أبو نواس أفضل شعراء الخمرة دون منازع.وقد أبلى فيها البلاء الحيّد،لأنّ أسلوبه في الخمريّات كان أسلوبا واقعيا بحيث تناولها بكلّ حواسّه جرّاء عشقه لها.فلقد تكلّم عن منظرها ومشمومها ومذاقها وتأثيرها في الحسّ والنّفس.والملاحظ أنّ أبا نواس استطاع تلافي التكرار المملّ في أسلوبه ،وتمكّن من الابتعاد عن الجمود والتقليد .فجاءت لغته لغة طبيعيّة ملائمة لخفقان عاطفته،ممّا جعل شعره سلسا وواضح المعنى وقريب المنال بفعل ثراء لغته وتنوّع أوزانه وأصناف أنغامه.وهكذا ظلّ أبو نواس متربّعا على القدرة على تشخيص الأشياء الجامدة ورسم اللّوحات الزّاهية بألوان يعبّر من خلالها على كينونته المتأجّحة وخياله القويّ.ومن قوله في وصف الخمرة:

                  من سلاف كأنّها كلّ شيئ****يتمنّى محيّــــر أن يكونا

                  أكل الدّهر ما تجسّـــم منها****ويبـقى لبابها مكـــــنونا

                   فإذا ما اجتلــــيتها فهـــباء****تمنع الكفّ ما تبيح العيونا

 وتوفي رحمه الله ببغداد بعد أن أقام بها زاهدا يدعو الله الثواب والمغفرة سنة814ميلادية


                                                                             محمد الدبلي الفاطمي

lundi 30 septembre 2013

أمـــــســــيـــة في رفــــقـــة مؤ يـــد الـــديـــــن الـــــطــــغــــرائي

                               أمسية في رفقة مؤيد الدين الطغرائي

وكعادتي التفتت إلى التاريخ حيث قرّرت قضاء أمسيتي برفقة مؤيد الدين أبي اسماعيل الحسين الأصبهاني المنشإ المعروف بالطغرائي،كان عزيز الفضل،لطيف الطّبع،فاق أهل عصره بصنعة النظم والنثر .له ديوان شعر جيّد،ومن محاسن نظمه قصيدته المعروفةب"لامية العجم"،وكان نظمها سنة505هجرية وصف فيها حاله ممّا لحق به في زمانه،و كيف واجه كلّ تلك المحن والمتاعب والمؤامرات بسبب معارضته للفساد وسوء تدبير أموال الرعيّة أيّام الدولة السلجوقية.وكان الطغرائي ينعث بالأستاذ،وقد اتّهم ظلما وعدوانا بالإلحاد وتمّ قطع رأسه في سوق ببغداد عند المدرسة النظامية،وقيل قتله عبد أسود.

وهذه قصيدته الرائعة والتي اشتهرت بلامية العحم مقابل لامية العرب لطرفة بن العبد والتي تعتبر من المعلّقات في العصر الجاهلي.يقول الطغرائي:

        أصالة الرأي صانتني عن الخطل****وحلـــية الفضل زانــــتني لـــدى العـــــــطل

       مجدي أخيرا ومجدي أولا شـــرع****والشمس عند الضحى كالشمس في الطّفل

        فيم الإقامة بالزوراء لا ســـكني****بـــــها ولا ناقــــــتي فـــــيها ولا جــــــــملي

        ناء عن الأهل صفر الـكفّ منفرد****كالسّيــــــف عـــرّي مـــتناه مـــن الخــــــلل

         فلا صديق إليه مشتكى حزني****ولا أنيـــــس إلــــيه منـــــــــتهى جـــــــذلي

        طال اغترابي حتّى حنّ راحلتي****ورحـــــلها وقــــــرى العـــــسّالة الــــــــذّبل

         وضجّ من لغب نضوي وعجّ لما****يلــــقى ركابي ولــــــجّ الرّكب في عــــــذلي

         أريد بسطة كـــفّ أستعين بها****على قــــضاء حقـــــوق للـــــعلى قــــــبلي

        والدّهر يعكس آمالي ويقنعني****من الغــــــنيمة بعـــــد الكــــــدّ بالقــــــــــفل

       حبّ السّلامة يثني عزم صاحبه****عن المـــــعالي ويغـــــري المـــــرء بالكسل

        فإن جنــــحت إلــيه فاتّخذ نفقا****فــــي الأرض أو سلّـــما في الجــوّ واعـــتزل

       ودع غمار العلى للمقدمين على****ركــــوبها واقـــــتنع مـــــنهنّ بالبـــــــــــلل

      يرضى الذّليل بخفض العيش يخفضه****والـــــعزّ بيـــــــن رسيم الأينـــــق الذّلل

      فادرأ بها في نحـــــور البيد حافلة****مـــعارضات مـــــتاني اللّـــــجم بالـــــجدل

       إنّ العلى حدّثتني وهـي صادقة****فيـــــما تــــحدّث أنّ العــــزّ في النّــــــــقل

       لو أنّ في شرف المأوى بلوغ منى****لم تبـــــرح الشّمس يوما دارة الحــــــمل

       أهبت بالحظّ لو ناديت مسـتمعا****والحـــظّ عــــنّي بالحــــهّال في شـــــــغل

        لعلّه إن بدا فضلي ونقــــصهم****لعيــــنه نــــــــــام عنـــــهـم أو تنـــــبّه لي

        أعلّل النّـــفس بالآمال أرقـــبها****ما أضــــيق العيـــش لولا فسحة الأمـــــل

       لم أرتضي العيش والأيّام مقبلة****فكيف أرضى وقـــــد ولّــــت على عــــجل

       غالى بنفسي عرفاني بقيمتها****فصــــنتها عن رخيص القــــدر مـــــــبتذل

      وعادة النّصل أن يزهو بجــوهره****وليـــــــس يعـــمل إلاّ فــي يـــدي بـــطل

      ما كنت أوثر أن يمــتدّ بي زمني****حتّــــى أرى دولـــــة الأوغاد والسّــــــفل

      تقدّمتني أناس كان شوطـــهم ****وراء خــــطوي إذا أمـــشي على مــــهل

       هذا جــــزاء امرئ أقرانه درجوا ****من قــــبله فـــتمنّى فســـــــحة الأجل

       وإن علاني من دوني فلا عجب****لي أسوة بانحـــــطاط الشّمس عن زحل

        فاصبر لها غير محتال ولا ضجر****في حادث الدّهر ما يغــــــــني عن الحيل

       أعدى عدوّك أدنى من وثقت به****فحاذر النّــــاس واصحـــــبهم على دخل

        وإنّــــما رجل الدّنــــيا وواحدها****من لا يعــــوّل فـــي الدّنـــيا على رجــل

       غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت****مـــسافة الخلف بين القـــول والعمل

       وحسن ظنّـــــك بالأيّام معجزة****فظــــــنّ شرّا وكـــــــن منها على وجل

      وشان صدقك عند النّاس كذبهم****وهــــل يطابـــق معـــــوجّ بمعـــــــتدل؟

       إن كان ينجع شيئ في ثباتهم****على العهــــود فسبق السّيف للعــــــذل

      يا واردا سؤر عيـــــش كلّه كدر****أنفــــقت عمــــرك في أيّامـــــــــك الأوّل

      فيم اعتراضك لجّ البحـــر تركبه****وأنت يكـــفيك منه مـــــصّة الوشـــــــل

     ملك القناعة لا يخشى عليه ولا****تحـــتاج فـــــــــيه إلى الأنصار والخــــول

      ترجو البـــــــقاء بدار لا ثبات لها****فهل ســــمعت بظـــلّ غيــــر منــــــتقل؟

      ويا خبيرا على الأسرار مطّــلعا****أنصــت ففي الصّـــمت منـــجاة من الزّلل

       قد رشّحوك لأمر إن فطنت له****فاربأ بنــــفسك أن ترعـــــى مع الهــــمل

 وقد عمل الطغرائي في حياته وليّا للوزارة بأربيل شمال العراق  وكان وزير السلطان مسعود بن محمد السّلجوقي بالموصل.وبسبب الانقلابات التي كانت تحدث جرّاء الصراعات من أجل الهيمنة على السلطة،فقد الطغرائي مكانته عند سقوط السلطان مسعود بن محمد ،الأمر  الذي دفعه إلى معارضة الانقلابيين والوقوف في وجههم وهو ما دفعهم إلى اتّهامه بالإلحاد وإعدامه.وقد ترك الطغرائي من الرسائل والأشعار ما لا تستطيع حصره هذه المقالة،إلاّ أنّ لامية العجم تؤكّد بالملموس أنّ الرّجل كان فصيح اللسان،واسع التّجربة،صادق القول،مدافعا عن المظلومين والمهمّشين،مندّدا بالتّسلّط والطغيان والفساد الفاحش،رافضا وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب

                                                                             محمد الدبلي الفاطمي

                                

samedi 28 septembre 2013

جلـــــــســـــــــا ت مع أبي الـعـلاء المعــــرّ ي في معـــــرّ ة النـــــــعـــمــــا ن

             العلم بعد أبي العلاء مضيّع***والأرض خالية الجوانب بلقع

هو أحمد بن عبد الله القضاعي التنّوخي،كان علاّمة عصره،وله التّصانيف المشهورة والرسائل المأثورة ،وله من النّظم لزوم ما يلزم،وله سقط الزّند وهو متن التنوير وكتاب الأيك والغصون.ولد  بمعرّة النّعمان سنة 363هجرية،لأسرة عريقة لها نصيب غير قليل من العلم والأدب،فنشأ متضلّعا في فنون الأدب.وقد تتلمذ عنه أبو القاسم التّنّوخي والخطيب أبو زكرياء بحيى التبريزي شارح الحماسة وغيرهما،لكنّه أصيب بالعمى بسبب مرضه بالجذري.ومن تصانيفه كتاب اللاّمع العزيزي وهو شرح شعر أبي الطيب المتنبي.وقد قال أبو العلاء مرّة وبمعيته حشد من العلماء: كأنّما نظر  المتنبي إليّ بلحظ الغيب حيث قال:

               أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي****وأسمعت كلماتي من به صمم

كما اختصر أبو العلاء ديوان أبي تمام حبيب بن أوس وشرحه وكذلك ديوان البحتري وتكلّم عن الثلاثة وعن غريب أشعارهم ومعانيها ومآخذهم من غيرهم وما أخذ عنهم.وقد تولّى الانتصار لهم والنقد في بعض المواضع عليهم،والتوجيه للخطإ في بعض الأماكن.ورحل طوال حياته إلى بغداد مرّتين،إذ كان أبوه أديبا وعالما،وجدّه قاضي معرّة النّعمان،كما كانت أمّه تنتمي إلى  أسرة كريمة.وقد تلقّى المعرّي مبادئ العلم عن أبيه وتعلّم تعليمه الأساسي على يديه في مسقط رأسه،ثمّ درس في حلب ،وأخذ على علمائها اللغة والأدب،وزار طرابلس وأنطاكية وتعرّف على مكتبتها الشهيرة،ومرّ تاللاّذقية ونزل بدير الزّور وأخذ الفلسفة والعلوم الدّينية عن رهبانها ولم يدع بيت علم إلاّ وولجه،ولا مجلس أدب إلاّ حضره.وقد شاء القدر أن تموت أمّه بعد مرض عضال،فحزن كثيرا لموتها واعتزل النّاس ،ومال إلى الزّهد وسمّى نفسه برهين المحبسين،وبقي على حاله مدّة ليست بالقصيرة حتّى أصيب بمرض أدّى إلى وفاته نهار يوم  الجمعة 20 ماي 1058م ،ويقال أنّ المعري أوصى بأن يكتب على قبره هذا البيت الشعري:

                         هذا ما جنـــــــاه أبي عليّ****وما جنــــيـــــت علــــى أحــــد

 ويحكى أنّه كان يملي على بضع عشرة محبرة في فنون العلوم.وقد أخذ عنه ناس  وسار إليه الطلبة من الآفاق والعلماء والوزراء وأهل الأقدار.ومكث خمسة وأربعين حولا لا يأكل اللّحم تزهّدا.ونظم أبو العلاء الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ،وعند وفاته قرئ على قبره سبعون مرثية منه قول أبي الفتح البستي:

                       ألعلم بعد أبي العلاء مضـــــــــيّـع****والأرض خالية الجـــوانب بلــقــع

                       أودى وقد ملأ الــــــــــبلاد غرائـبا****تسري كما تسري النّجوم الطّلّـع

                      ما كنت أعلم وهو يوضع في الثرى****أنّ الــثرى فيه الكــــواكب تــودع

                      جــــبل ظننت وقـــــد تزعزع ركنه****إنّ الجــــبــال الرّاسيات تزعــــزع

                      وعجبت أن تسع المـــــــعرّة قبره****ويضيق بطن الأرض عنه الأوسـع

                     لو فاضت المـــــــهجات يوم وفاته****ما استكثرت فيه فكـــــيف الأدمع

                     عين تـــــــــسهّد للعفاف وللتّقى****أبدا وقلـــب للمهيمن يخـــــــــضع

                     شيم تجمّله فــــهنّ لمــــــــجده****تاح،ولكن بالثّــــــناء يرصّــــــــــــع

                    جادت ثراك أبا العــــلاء غـــــمامة****كندى يديك ومــــزنة لا تـــقلــــــــع

                     ما ضيّع الباكي عليك دموعــــــه****إنّ الدّمــــــــــوع على سواك تضيّع

                       قصدتك طلاّب العلـــوم ولا أرى****للــــــعلم بابا بعــــــــد بابك يقــــرع

                       مات النّهى وتعطّــــلت أسبابه****وقضى التّأدّب والمـــــــــكارم أجمع

 ومن أشعاره في رثاء أحد الفقهاء واسمه الحنفي أبو حمزة الأوّاب، قال أبو العلاء رحمة الله عليه في قصيدة له وهي من أروع القصائد التي جادت بها قريحته المتوقّدة:

                     غير مجد في ملّتي واعتــقادي****نـــــوح بـــــــاك ولا ترنّــــــم شادي

                     وشبيه صوت النّعيّ إذا قــــــــيــــــس بصوت البشير في كلّ نـــــــــاد

                     أبكت تلكم الحمامة أم غنّـــــت****علــــى فرع غـــصنـــــها المــــــيّاد

                      صاح هذي قبورنا تــملأ الرّحب****فأيـــن القـــبور من عــــهد عـــــــاد

                      خفّف الوطأ ما أظـــنّ أديم الأ ****رض إلاّ من هــــذه الأجــــــــــــساد

                      وقبيح بنا وإن قدم الـــــــعهــــــــد هـــــوان الآبـــــــاء والأجـــــــــــداد

                       ســـــر إن استطعت رويــدا****لا اختــــيالا عـــلى رفــــاة العـــــــباد

                      ربّ لـــحد قد صار لحدا مرارا****ضاحــــك من تزاحـــم الأضـــــــــــداد

                       ودفيـــن على بقايا دفــين****فــي طــــــويل الأزمـــان والآبــــــــاد

                        تعب كلّها الحياة فـــــما أعـــــــجب إلاّ مـــن راغـــب فــــــــي ازدياد

                       إنّ حزنا في ساعة الموت أضـــــعاف ســـرور في ساعة المــــــيلاد

                       خلق النّاس للبقاء فـظلّت****أمّـــة يـحـــســــــــبونــــهم للنّــــفاد

                     إنّما ينقلون من دار أعمـــــا****ل إلى دار شـــــقـوة أو رشــــــــــــاد

                      ضجعة الموت يستريــــح الــــــجسم فيها والعيش مثل السّـــــــــهاد

                      أبنات الهديل أسعدن أوعـد****ن قلـــــيل العــــــزاء بالإســـــــــــعاد 

                      ثمّ غرّدن في المآثم وانــد****بن بشـــجو مع الغــواني الــــــــــخراد

                       فعزيز عليّ خلط اللـيالي****رمّ أقــــدامكم بـــــرمّ الهـــــــــــوادي

                       واللّبيب اللّبيب من ليس يغـــــترّ بكــــون مصـــــيره للفـــــــــــساد


 والمعروف عن أبي العلاء أنّه كان قبيح الخلقة،قصير القامة،رقيق العاطفة،ذكيا يجيد الحفظ والتّذكّر،كما كان ثاقب العقل ،لاذع الانتقاد ،دقيق الإحساس لكنّه متبرّما بالنّاس والدّنيا،كثير التشاؤم  بسبب رؤيته للدنيا على أنّها مقرّ للهموم والآلام.وقد عني عناية خاصّة بالفلسفة اليونانية والهنود بحيث ظهر كلّ ذلك في أخلاقه وشعره.يقول في إحدى قصائده الرائعة:

             ألا في سبيل المجد ما أنا فاعــــل****عــــــفاف وإقـــدام وحـــزم فنائل

             أعندي وقد مارســـــت كلّ خــفيّة****يصـــــدّق واش أو يخــــيّب سائل

             تعدّ ذنوبي عـــــــند قـــــوم كثيرة****ولا ذنــــب لي إلاّ العلى والفضائل

              كأنّي إذا طلــت الــــــــزّمان وأهله****رجــعت وعندي للأنام طــــــوائل

             وقد سار ذكرب في البلاد فمن لهم****بإخــفاء شــمس ضوؤها متكامل

              يهـــمّ اللّيالي بعض ما أنا مضـــمر****ويـــثقل رضــوى دون ما أنا حامل

              وأتّي وإن كنــــــت الأخـــــير زمانه****لآت بمـــا لم تستطـــــعه الأوائل

              فإن كان في لبس الفتى شرف له****فما السّيف إلاّ غـــمده والحـمائل

             ولو بان عنقي ما تأسّف منــــكبي****ولو مات زنــدي ما بكــــته الأنامل

              أذا وصف الطّائي بالبــــــخل مادر****وعيّــــر قـــسّا بالفــــــهاهة باقـل

               وقال السّهى للشّمس أنت ضئيلة****وقال الدّجى للصّبح لونــــك حائل

              وطاولت الأرض السّــــماء سفاهة****وفاخرت الشّهب الحصى والجنادل

              فيا موت زر  إنّ الحـــــياة ذميــمة****ويا نفس جدي فإنّ دهــــــرك زائـل

  ومن آثاره أيضا "سقط الزّند"جمع فيه قصائده التي قالها قبل الرحلة إلى بغداد،ويحتوي على أكثر من ثلاثة آلاف بيت.وقد شبّه شعره الأوّل بأوّل نار تخرج من الزّند أي سقط الزّند.أمّا "اللزوميات"فهو ديوان شعر كبير يحتوي نحو أحد عشر ألف بيت،وكلّه في الفلسفة،و"رسالة الغفران"وهي أيضا رسالة كتبها المعرّي إلى علي بن منصور الحلبي جوابا على رسالة بعث بها إليه هذا الأخير.ومن مؤلفاته كذلك "الأيك والغصون"و"عبث الوليد"وهو تعليق على ديوان البحتريو"رسالة الملائكة"وكتاب"الفصول والغايات"وكتاب"معجز أحمد".

أمّا شعره فمنه الرّسمي يمدح فيه الأعيان،وآخر من باب الإخوانيات،وقد جارى فيه أبا تمّام والمتنبّي والبحتري في استنباط المعاني وتقويّة اللّفظ وانسجام الصورةودقّتها،والدّارس لشعر أبي العلاء سيجده أجاد في الرثاء إجادة أدركت الغاية


                                                       محمد الدبلي الفاطمي