فـــــــــــلا والله ما قـــــــــتـــــلــــوا كـــــفــــــا حــــــــي

فــــــلا والله ما قــــــــتلوا  كـــــــفاحي

يذكّرني المساء بليل أسري***فتسقط دمعتي ويضـــــيق صــدري

وأحمل عندها قلمي حزينا***وذاكرتي تعارض كشــــف قـــــــهري

وتعصرني الكآبة عــصر ثوب***لأكـــــــشف للعـــــباد عذاب قــبري

قضيت طفولتي في الحبس كرها***بفعل تسلّط قد طال عــــصري

أسرت أمام مدرستي صباحا***وكان بصــــــحبتي قرناء عــــــمري

وقد نصب النّواطر لي كمينا***وجاؤوني سعاة من أجل أســــــري

وأمـــــسك فجأة أحد برأسي***وآخر باليديــــن أحاط ظــــــــهري

وفي ســيّارة أحسست أنّي***شحنت إلى مكان لســــــت أدري

رجوت كبــيرهم فأجاب لكما***وأوعدنــــي بوجوب قـــــــــــــهري

وأسرع نبض قلبي مستعدّا***لما ســــــــــيطالني أثناء زجــــري

نزلت بمــخفر في جوف قبو***كأنّه حــــــفرة حـــــفرت لقــــبري

وعند الفجر في نومي أتاني***زبانية التــــسلّط فــــــي التـحرّي

فكبّل قيدهم أطراف جسمي***ومزّق سوطهم أحشاء صـــــدري

وكان صراخ حنجرتي ضعــيفا***وسيل دمي كسيل الدمع يجـري

وأخرس هتك جاعرتي لساني***بحازوق تــــــعمّد قهر صــــبري

فزلزل جرمهم نفسي بعنف***وبعــــــــثر شرّهم أحلام فـــكري

وصار اللّيل في صدري ظلاما***كأنّ اللّيل يخرج مـــن زفــــــيري

أبيت أصارع الأشـــــباح دوما***وفي جوف النّهار يضيق صـــدري

ولست بخالع بؤسي وقهري***إلى أن يخلع الديجور فـــــــجري

قضيت شباب عمري في سجون***زنازنها استقرّت في ضميري

فلا والله ما قتلوا كفاحي***ولا انتزعوا  الهدى من روح فـــــكري

أيا زمن الرّصاص تركت جرحا***تردّد رعـــــــــــــده عبر العصــور

ورحت إلى الجحيم ولست أدري***بأنّك يومها ما كـــنـت تدري

محمد الدبلي الفاطمي