lundi 30 septembre 2013

أمـــــســــيـــة في رفــــقـــة مؤ يـــد الـــديـــــن الـــــطــــغــــرائي

                               أمسية في رفقة مؤيد الدين الطغرائي

وكعادتي التفتت إلى التاريخ حيث قرّرت قضاء أمسيتي برفقة مؤيد الدين أبي اسماعيل الحسين الأصبهاني المنشإ المعروف بالطغرائي،كان عزيز الفضل،لطيف الطّبع،فاق أهل عصره بصنعة النظم والنثر .له ديوان شعر جيّد،ومن محاسن نظمه قصيدته المعروفةب"لامية العجم"،وكان نظمها سنة505هجرية وصف فيها حاله ممّا لحق به في زمانه،و كيف واجه كلّ تلك المحن والمتاعب والمؤامرات بسبب معارضته للفساد وسوء تدبير أموال الرعيّة أيّام الدولة السلجوقية.وكان الطغرائي ينعث بالأستاذ،وقد اتّهم ظلما وعدوانا بالإلحاد وتمّ قطع رأسه في سوق ببغداد عند المدرسة النظامية،وقيل قتله عبد أسود.

وهذه قصيدته الرائعة والتي اشتهرت بلامية العحم مقابل لامية العرب لطرفة بن العبد والتي تعتبر من المعلّقات في العصر الجاهلي.يقول الطغرائي:

        أصالة الرأي صانتني عن الخطل****وحلـــية الفضل زانــــتني لـــدى العـــــــطل

       مجدي أخيرا ومجدي أولا شـــرع****والشمس عند الضحى كالشمس في الطّفل

        فيم الإقامة بالزوراء لا ســـكني****بـــــها ولا ناقــــــتي فـــــيها ولا جــــــــملي

        ناء عن الأهل صفر الـكفّ منفرد****كالسّيــــــف عـــرّي مـــتناه مـــن الخــــــلل

         فلا صديق إليه مشتكى حزني****ولا أنيـــــس إلــــيه منـــــــــتهى جـــــــذلي

        طال اغترابي حتّى حنّ راحلتي****ورحـــــلها وقــــــرى العـــــسّالة الــــــــذّبل

         وضجّ من لغب نضوي وعجّ لما****يلــــقى ركابي ولــــــجّ الرّكب في عــــــذلي

         أريد بسطة كـــفّ أستعين بها****على قــــضاء حقـــــوق للـــــعلى قــــــبلي

        والدّهر يعكس آمالي ويقنعني****من الغــــــنيمة بعـــــد الكــــــدّ بالقــــــــــفل

       حبّ السّلامة يثني عزم صاحبه****عن المـــــعالي ويغـــــري المـــــرء بالكسل

        فإن جنــــحت إلــيه فاتّخذ نفقا****فــــي الأرض أو سلّـــما في الجــوّ واعـــتزل

       ودع غمار العلى للمقدمين على****ركــــوبها واقـــــتنع مـــــنهنّ بالبـــــــــــلل

      يرضى الذّليل بخفض العيش يخفضه****والـــــعزّ بيـــــــن رسيم الأينـــــق الذّلل

      فادرأ بها في نحـــــور البيد حافلة****مـــعارضات مـــــتاني اللّـــــجم بالـــــجدل

       إنّ العلى حدّثتني وهـي صادقة****فيـــــما تــــحدّث أنّ العــــزّ في النّــــــــقل

       لو أنّ في شرف المأوى بلوغ منى****لم تبـــــرح الشّمس يوما دارة الحــــــمل

       أهبت بالحظّ لو ناديت مسـتمعا****والحـــظّ عــــنّي بالحــــهّال في شـــــــغل

        لعلّه إن بدا فضلي ونقــــصهم****لعيــــنه نــــــــــام عنـــــهـم أو تنـــــبّه لي

        أعلّل النّـــفس بالآمال أرقـــبها****ما أضــــيق العيـــش لولا فسحة الأمـــــل

       لم أرتضي العيش والأيّام مقبلة****فكيف أرضى وقـــــد ولّــــت على عــــجل

       غالى بنفسي عرفاني بقيمتها****فصــــنتها عن رخيص القــــدر مـــــــبتذل

      وعادة النّصل أن يزهو بجــوهره****وليـــــــس يعـــمل إلاّ فــي يـــدي بـــطل

      ما كنت أوثر أن يمــتدّ بي زمني****حتّــــى أرى دولـــــة الأوغاد والسّــــــفل

      تقدّمتني أناس كان شوطـــهم ****وراء خــــطوي إذا أمـــشي على مــــهل

       هذا جــــزاء امرئ أقرانه درجوا ****من قــــبله فـــتمنّى فســـــــحة الأجل

       وإن علاني من دوني فلا عجب****لي أسوة بانحـــــطاط الشّمس عن زحل

        فاصبر لها غير محتال ولا ضجر****في حادث الدّهر ما يغــــــــني عن الحيل

       أعدى عدوّك أدنى من وثقت به****فحاذر النّــــاس واصحـــــبهم على دخل

        وإنّــــما رجل الدّنــــيا وواحدها****من لا يعــــوّل فـــي الدّنـــيا على رجــل

       غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت****مـــسافة الخلف بين القـــول والعمل

       وحسن ظنّـــــك بالأيّام معجزة****فظــــــنّ شرّا وكـــــــن منها على وجل

      وشان صدقك عند النّاس كذبهم****وهــــل يطابـــق معـــــوجّ بمعـــــــتدل؟

       إن كان ينجع شيئ في ثباتهم****على العهــــود فسبق السّيف للعــــــذل

      يا واردا سؤر عيـــــش كلّه كدر****أنفــــقت عمــــرك في أيّامـــــــــك الأوّل

      فيم اعتراضك لجّ البحـــر تركبه****وأنت يكـــفيك منه مـــــصّة الوشـــــــل

     ملك القناعة لا يخشى عليه ولا****تحـــتاج فـــــــــيه إلى الأنصار والخــــول

      ترجو البـــــــقاء بدار لا ثبات لها****فهل ســــمعت بظـــلّ غيــــر منــــــتقل؟

      ويا خبيرا على الأسرار مطّــلعا****أنصــت ففي الصّـــمت منـــجاة من الزّلل

       قد رشّحوك لأمر إن فطنت له****فاربأ بنــــفسك أن ترعـــــى مع الهــــمل

 وقد عمل الطغرائي في حياته وليّا للوزارة بأربيل شمال العراق  وكان وزير السلطان مسعود بن محمد السّلجوقي بالموصل.وبسبب الانقلابات التي كانت تحدث جرّاء الصراعات من أجل الهيمنة على السلطة،فقد الطغرائي مكانته عند سقوط السلطان مسعود بن محمد ،الأمر  الذي دفعه إلى معارضة الانقلابيين والوقوف في وجههم وهو ما دفعهم إلى اتّهامه بالإلحاد وإعدامه.وقد ترك الطغرائي من الرسائل والأشعار ما لا تستطيع حصره هذه المقالة،إلاّ أنّ لامية العجم تؤكّد بالملموس أنّ الرّجل كان فصيح اللسان،واسع التّجربة،صادق القول،مدافعا عن المظلومين والمهمّشين،مندّدا بالتّسلّط والطغيان والفساد الفاحش،رافضا وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب

                                                                             محمد الدبلي الفاطمي

                                

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire