jeudi 1 août 2013

عـــــزّت الرّشــــــــــــــوة الـــذّ ليــــــلـــة حــتّى*****با ت دفــــع الرّشـــــى خـــطــــبــــا جـــــســــا مـــا

                                عزّت السلعة الذّليلة حتّى***بات دفع الرّشى خطبا جساما

 لم يعد من المقبول  الوثوق بما تعوّد على اجتراره السياسويون،يمينيون ويساريون،حول محاربة الرشوة،وقدرتهم على استئصال جذورها.ذلك أنّ الإقدام على اتّخاذ مثل هكذا قرارات يتطلّب جرأة مواطنة خالية من المزايدات والمغالطات الانتخابيةالتي شوّهت مشهدنا السياسي،وهبطت به إلى الدرك الأسفل من التخلف والانبطاح.فلا أحد يستطيع نكران الوضعية المزرية التي أوصلتنا إليها هذه الآفة بعد أن تغلغلت في مناحي حياتنا اليومية حتّى أصبحت ملازمة للمواطن كظلة ،أينما حلّ،وحيثما ارتحل.وفي ظل هذا التوغّل الرهيب تمكّنت ظاهرة الرشوة من فرض سيطرتها ،ممّا جعلها الأمّ الحاضنة للفساد بجميع ألوانه وأطيافه.

 وأكيد انّ المواطن اليوم  لا يستطيع  انجاز أغراضه الادارية،أو تسوية مشاكله القضائيةإلاّ بالتفكير ،أوّلا، في الرشوة باعتبارها المفتاح السحري ،والوسيلة المثلى لبلوغ مختلف الأهداف.وفي هذا السياق تضاعف سقف الإرشاء،فتضاعف عدد الراشين والمرتشين،ممّا صعّب التصدي لهذه الجرثومة التي أتت على الأخضر واليابس،الأمر الذي تسبّب في تعطيل أسباب التنمية ،وأفسد القيم والأخلاق النبيلة ،وقلب واقعنا رأسا على عقب.ذلك أنّ تفشّي هذه الظاهرة الخبيثة،وانتشارها على نطاق واسع بين أفراد المجتمع أحدث خلخلة مزلزلة تمخض عنها تفاقم كبير للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.وهذا إن دلّ على شيئ فإنما يدلّ على أنّ الرشوة هي أمّ الخبائث في هذا العصر.ومادام الحال على ما هو عليه حتى الساعة فإنّ الكارثة قادمة لا محالة،سيّماوأنّ جميع الثورات العربية انطلقت شراراتها بفعل ارتفاع منسوب الفساد،وحرمان السواد الأعظم من المواطنين من حقوقهم العادلة.فلا محلّ للإصلاح إن كنت تبني وغيرك يهدم،ولا تنمية،ولا تقدّم في ظل غياب الشفافية والنزاهة والانضباط.ولا جدال في أنّ القول بعكس ما أشرت إليه يعتبر هرطقة وهراء  واستهتارا.وعديم رأيه من ركب هواه وظنّ أنّ المغرب في مبعدة عمّا يدور من حوله،ونسي أو تناسى أنّ الناس أعوان من والته دولته وهم عليه إذا عادته أعوان.فالأجدر بالمسؤولين أن يتنبهوا إلى أحوال شعوبهم  ،وأن يبادروا ،وبأسرع وقت ممكن،إلى رفع التحديات من خلال تقويم كل السلوكات المعوجّة ،والتصرفات المنحرفة بغية تفادي كل ما من شأنه أن يدفع ببلدنا نحو الهاوية .وقد أعذر من أنذر، إذ الطامّة لا تفصلنا عنها إلاّ هنيهات قليلة،والسير في الطريق المسدود سيذهب بنا إلى الواقعة التي ليس لوقعتها كاذبة.قال الشاعر:

                     إذا كان ربّ البيت بالدّفّ مولعا*****فإنّ شيمة أهل البيت كلّهم الرقص

 وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم الراشي والمرتشي والوسيط بينهما،وذلك بسبب الأثر الخبيث الذي تتركه هذه الآفة في أنفس المواطنين من خلال تشجيعهم على الحيف ،والتزوير، والسطو على حقوق بعضهم،الأمر الذي يؤدّي،في نهاية المطاف إلى ما لا تحمد عقباه.ولهذه الأسباب عقدت الأنظمة الديمقراطية العزم على محاربة هذا المسلك المخرّب عبر تجريمه ومعاقبة كلّ من سوّلت له نفسه الإرشاء أو الارتشاء.قال الشاعر:

                     حيّاك من لم تكن ترجو تحيته*****لولا الدراهم ما حــــــــــــيّاك إنسان

   لقد سمّمت الرشوة الأخلاق،وزرعت الغشّ والتحايل في النفوس،وأسفلت العالي وأعلت من سفل،فانحطّت الأوضاع والضمائر،وتناثرت الاختلالات في جميع مناحي الحياة،وأصبحت مجتمعاتنا في حالة لاتحسد عليها.قال الشاعر في هذا المضمار:

                   عزّت الرشوة الذلــــــيلة حتّى*****بات دفـــــــــع الرّشى خطبا جساما

 إنّ أوّل عمل يجب القيام به هو إعداد لقاح سوسيو ثقافي يساعد المواطنين على التخلص من هذه الجرثومة الخبيثة التي كادت أن تأتي على الأخضر واليابس.وما لم تحارب هذه الآفة ،وبأسرع وقت ممكن فأنّ تداعياتها ستلازمنا حاضرا ومستقبلا والعاقبة للمتّقين.

                        محمد  الدبلي الفاطمي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire