lundi 19 août 2013

حــــــرّية الـــــتّعبــــير بيــــن المــــــدّ والجـــــــزر

حرية التعـــــبير بين الـــــــمدّ والجزر

 في عالم اليوم حيث تحرّرت الكلمة نسبيا من أغلال الرقابة والرصد المهين،طفت على السطح أبواق تستنوق الجمال وتستجمل النوق،وكأنّما المسخ لم يعد من المحرّمات بل أصبح  من وجهة نظر البعض أسلوبا متقدّما في مجالي التمويه والمغالطة.وفي هذا السياق المشبوه تعاظم البلاء وتعدّدت صور التّهم والادّعاء،وانقلب الوعّاظ والمتطهّرون إلى شياطين،والأبالسة الطغاة المفسدون إلى مصلحين صالحين،ومناضلين محرّرين.قال الشاعر العربي:

              وما نـــــــيل المـــــطالب بالتمنّـــــي****ولكـــــــن  تؤخـــــذ الدنيا غلابا    

وحرية التعبير في حدّ ذاتها تتأسّس في ممارستها على التأنّي في التفكير،والتأمّل عند التّحرير،والضبط آونة التدبير،مع اجتناب اللغو والتبرير.وبقدرما ترتقي الأدوات، ترتقي في ظلّها الأسباب ،وتتنوّع المشارب والألقاب ،ويستمتع بثمار التواصل الأهل والأحباب.أمّا المغالطة والتمويه فهما وسيلتان محرّمتان تؤديان في نهاية المطاف إلى ما لا تحمد عقباه.ذلك أنّ الكذب على الناس عند التحدّث إليهم يقود إلى الفتنة إذا كان ملغّما بالشّبهات،وكلّما كثر تداول الكذب بين الناس في مجتمع ما من المجتمعات البشرية فاعلم بأنّ قيم أهله مستوحاة من الشعودة والبهتان وتعاليم الشياطين.والمستغرب في الأمر هنا أنّ الكذب المغلّف بالتمويه والمغالطة يصدر عن جهات رسمية في جميع دول العالم العربي ومن دون استثناء.قال الشاعر:
                   إذا كان ربّ البيت بالدّفّ مولعا********فلا تلومنّ الصغار إن هم رقصوا

والأخطر من كلّ هذه التصرفات الطائشة هو الإعلام الذي أصبح اليوم سلاجا فتّاكا بحيث بات يملك من طرق التمويه وأسباب المغالطات ما لا يخدم  المصلجة العليا للإنسانية جمعاء.فالتشهير ،وتلفيق الأخبار المفبركة،وزرع الوشايات الكاذبة،والتلاعب بمشاعر الناس كلّها سلوكات مرفوضة،وتصرّفات تنعدم فيها الأخلاق المحمودة.قال الشاعر العربي:

                      إنّ الزرازير لمّا قام قائــــــمها*******توهّمت أنّها صارت شواهينا

أكيد أنّ لغة الإرهاب قد أصبحت وجبة من وجباتنا اليومية،وأنّ تكرارها فرضته الظروف المحيطة بنا،وأملته الضرورة والمستجدّات التي هي من صنع أيدينا.وهكذا لغة توحي بأنّ المستهدف هو إرهاب المواطنين بالكلمة التي أصبحت سيفا مسلّطا على أعناقهم،وخنجرا مسموما يهدّدهم بالطعن من خلف ظهورهم.والسؤال  الذي يتوجّب طرحه هو :هل كلّ الذين يتعبّدون في المساجد متطرّفون؟وهل سيأتي يوم تغلق فيه المساجد في وجه المصلّين؟ما هذه الحملة الرهيبة على الدين والمتدينين؟قال الشاعر العربي العراقي معروف الرصافي:

                       ياقــــــوم لا تتــــــكلّـــــــموا*******إنّ الــــــــكلام مـــــــــحرّم 

                       نــــامــــــوا ولا تستيـــــقظوا ******مافــــــــــــــاز إلاّ النّــــــــوم 

                        وتأخّــــــــوا عـــن كل مــــــا******يقضي بــــــــأن تتقـــــــــدّموا

                         أمّا السيـــــاسة فاتركـــــــوا******أبدا إلاّ تنــــــــــــدمـــــــــــــوا
.
                       إنّ الـــسياســــــــة ســـــرّها******لو تعــــــــــلمون مطلســــــم        

 كفى من لغة الإرهاب وإرهاب اللغة،فنفوسنا لم تعد تحتمل هذا الكمّ الهائل من التمويه والمغالطات .إنّنا في أمسّ الحاجة إلى مراجعة أنفسنا قلبا وقالبا،وتصحيح ما يتوجّب تصحيحه قبل فوات الأوان.فهذه التحوّلات التي عرفتها الشعوب العربية ستقود مجتمعاتنا إلى غد أفضل  وفضاء أرحب ممّا هو عليه اليوم،وسيشهد التفكير العربي نقلة نوعية تتّسم بالوعي والانضباط ،وتتميّز بدمقرطة الحياة العامّة،تأسيسا لعدالة اجتماعية حقيقية تنقذ المواطن العربي من محنته. أكيد أنّ الحلول الأمنية لم تعد كافية لوحدها،وأكيد كذلك أنّ وسائل الحكم يجب أن تستجيب لتطلّعات المواطنين،فلماذا لا نبارك في ما اختاره الشعب؟.قال الشاعر العربي:

                 إذا طمحت للحياة الــــــشعوب*******فلا بدّ أن يســـــــــــــتجيب القدر


                                            محمد  الدبلي الفاطمي   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire