من المؤسف ان تنحطّ لغة الضاد على أيدي أهلها،وتتدحرج إلى الدرك الأسفل من الرّكاكة والميوعة والاختناق.ومن غير المقبول بتاتا أن نغضّ الطّرف عن هذه الانزلاقات الخطيرة، التي أصبحت تلاحق الثقافة العربية حتّى وهي في عقر دارها.والأخطر من هذا وذاك هو مؤسساتنا التربوية، التي ساهمت في نشر هذا الانحطاط بعد أن وفّرت له الأسباب والمسبّبات ،وهيّأت لغرسه التربة الملائمة،الأمر الذي ساهم في اغتراب اللغة العربية وهي في أوطانها وبين أهلها وذويها. وقد سبق وأن تنبّه إلى خطورة هذه الانزلاقات الشاعر المصري الكبير المرحوم حافظ ابراهيم حيث قال :
رجعت لنفسي فاتّهمت حصاتي******وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني******عقمت ولم أجزع لقول عــداتي
ولدت ولمّا لم أجد لعرائـــــــسي******رجالا وأكفاء وأدت بنـــــــــــاتي
وسعت كتاب الله لفـــــظا وغاية******وما ضـــقت عن آي به وعظاتي
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة******وتنسيق أســــــماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدرّ كامن ******فهل سألوا الغوّاص عن صدفات؟
ومنذ ذلك الحين ولساننا الفصيح يتراجع يوما بعد يوم،في ظلّ تراكم ما لا يحصى ولا يعدّ من الاختلالات، جراء استمرار تدهور أساليبنا التعليمية المستوردة بالجملة من بلدان تنعدم أوجه الشّبه فيها بين شعوبهم و شعوبنا.وهذا الترقيع المضطرب عطّل كلّ أسباب إصلاح هذه المنظومة الحسّاسة،بل يمكن القول، ومن دون تحفظ ، أن عملية إصلاح هذا الورش الكبير لم تكن أبدا حاضرة، بشكل جدّي،على طاولة الأولويات.وفي هذا السياق كان حكّام العالم العربي يفضّلون تبعيتهم للغرب ،ويعادون ثقافتنا الأصيلة بدعوى محاربة التّطرف حتّى ظنّ الكثير أنّ اللغة العربية أصبحت لغة التّطرّف والجهاد.ومذهبهم في ذللك هو استمرارهم في التمسّك بالسلطة ومنع الأسلاميين المتدينين من الوصول إليها بمعونة الغرب الذي شحنه هؤلاء المتسلطون بالتّهويل والتخويف والإرهاب،الأمر الذي أفرز طابورا من التداعيات ،وفي مقدمتها انحطاط التربية والتعليم .وبمقتضى تلك الاختيارات المستوردة تمكّن حكّامنا من إبعاد المدرسة عن الأسرة ،وعن محيطها السوسيوثقافي،ممّا ترك آثارا وخيمة على الثقافة العربية الإسلامية،وعلى تداولها بين أفراد المجتمع العربي.وأكيد أنّ المستهدف، الأوّل والأخير ،هي لغةالضاد التي تعتبر المفتاح الأساس لولوج هذا التراث النفيس،والتي تعدّ الرّافعة الأقوى لمدّ هذه الأمّة بأسباب التنمية والنهوض.
من هنا يتّضح، وبصورة لا لبس فيها ولا غموض،أنّ لسان العرب يشكّل خطرا كبيرا على حكّامنا وعلى الغرب أيضا.فوحدة هذه الأمّة خطر يهدّد مصالح الطرفين،وتعاون الغرب مع حكّامنا لسحلنا،وقمعنا،وهتك عوراتنا بالحازوق،وقتلنا حتّى،يبيّن بجلاء واقعية هذا الطّرح.لذلك يتوجّب علينا بادئ ذي بدء أن نحرّر لساننا وثقافتنا،وأن ندرك حجم هذا الجهد الذي يتعيّن تحضيره لخوض هذه الحرب الثقافية الشرسة.وما لم نتحرّر ثقافيا فلن نتحرّر أبدا.والتحرّر الثقافي معناه التّشبّع بمضامين تراثنا من خلال نفائس الكتب والمؤلفات التي هي بين أيدينا
الآن،وهذا يستدعي،وبكلّ تأكيد،تقويم اعوجاج ألسنتنا،وتصحيح مسار لغتنا نحوا،وصرفا،وإملاء
وأسلوبا،وتعبيرا.وهذا المشروع الجبّار لن يكتب له النّجاح إلاّ من خلال بوّابة التواصل الاجتماعي.وبالمناسبة أقترح إنشاء منتديات مترامية الأطراف على امتداد جغرافية الوطن العربي وظيفتها الدعوة إلى تداول اللغة العربية الفصيحة بين تلامذة المدارس،وعلى منصّات المسارح،وفي صناعة السينما،وفي البيوت بين الإخوان والأخوات،وحيثما سنحت الفرصة للقيام بذلك.ربّما تبدو خطوة صغيرة وغير فاعلة للبعض،لكنني أعتبرها خطوة أكثر من عملاقة
لأنها ستساهم بالتأكيد في حماية وحدة أمّتنا من التفرقة والانشقاق،بالإضافة إلى ترقية تواصلنا عبر ابتكار طرق تفي بهذا الغرض،وكلّما تكاثفت الجهود المخلصة كلّما أثمر العطاء في الوقت المناسب.قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
وعلّّم مااستطعت لعلّ جيلا*********سيأتي يحدث العجب العجابا
أملي أن تتلقّف هذا النداء آدان صاغية،وقلوب واعية،فهذه مسؤولية الجميع،كلّ واحد من موقعه،حتّى نكون بعملنا هذا قد أحبطنا كلّ المؤامرات الدنيئة التي تسهدف النّيل من ثقافتنا العريقة وحضارتنا الضاربة في أعماق التاريخ الإنساني.واليعلم الجميع أنّ تعلّم لغة القرآن،وتذوق حلاوة التعبير والبيان،أكبر وأعظم نعم الرحمان على عبده الإنسان.قال تعالى في سورة الرحمن:"خلق الإنسان علّمه البيان".ويلاحظ أنّ تعليم الإنسان البيان جاء بعد الخلق مباشرة لما له من مرتبة عليا عند الله عزّ وجلّ.
محمد الدبلي الفاطمي
من هنا يتّضح، وبصورة لا لبس فيها ولا غموض،أنّ لسان العرب يشكّل خطرا كبيرا على حكّامنا وعلى الغرب أيضا.فوحدة هذه الأمّة خطر يهدّد مصالح الطرفين،وتعاون الغرب مع حكّامنا لسحلنا،وقمعنا،وهتك عوراتنا بالحازوق،وقتلنا حتّى،يبيّن بجلاء واقعية هذا الطّرح.لذلك يتوجّب علينا بادئ ذي بدء أن نحرّر لساننا وثقافتنا،وأن ندرك حجم هذا الجهد الذي يتعيّن تحضيره لخوض هذه الحرب الثقافية الشرسة.وما لم نتحرّر ثقافيا فلن نتحرّر أبدا.والتحرّر الثقافي معناه التّشبّع بمضامين تراثنا من خلال نفائس الكتب والمؤلفات التي هي بين أيدينا
الآن،وهذا يستدعي،وبكلّ تأكيد،تقويم اعوجاج ألسنتنا،وتصحيح مسار لغتنا نحوا،وصرفا،وإملاء
وأسلوبا،وتعبيرا.وهذا المشروع الجبّار لن يكتب له النّجاح إلاّ من خلال بوّابة التواصل الاجتماعي.وبالمناسبة أقترح إنشاء منتديات مترامية الأطراف على امتداد جغرافية الوطن العربي وظيفتها الدعوة إلى تداول اللغة العربية الفصيحة بين تلامذة المدارس،وعلى منصّات المسارح،وفي صناعة السينما،وفي البيوت بين الإخوان والأخوات،وحيثما سنحت الفرصة للقيام بذلك.ربّما تبدو خطوة صغيرة وغير فاعلة للبعض،لكنني أعتبرها خطوة أكثر من عملاقة
لأنها ستساهم بالتأكيد في حماية وحدة أمّتنا من التفرقة والانشقاق،بالإضافة إلى ترقية تواصلنا عبر ابتكار طرق تفي بهذا الغرض،وكلّما تكاثفت الجهود المخلصة كلّما أثمر العطاء في الوقت المناسب.قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
وعلّّم مااستطعت لعلّ جيلا*********سيأتي يحدث العجب العجابا
أملي أن تتلقّف هذا النداء آدان صاغية،وقلوب واعية،فهذه مسؤولية الجميع،كلّ واحد من موقعه،حتّى نكون بعملنا هذا قد أحبطنا كلّ المؤامرات الدنيئة التي تسهدف النّيل من ثقافتنا العريقة وحضارتنا الضاربة في أعماق التاريخ الإنساني.واليعلم الجميع أنّ تعلّم لغة القرآن،وتذوق حلاوة التعبير والبيان،أكبر وأعظم نعم الرحمان على عبده الإنسان.قال تعالى في سورة الرحمن:"خلق الإنسان علّمه البيان".ويلاحظ أنّ تعليم الإنسان البيان جاء بعد الخلق مباشرة لما له من مرتبة عليا عند الله عزّ وجلّ.
محمد الدبلي الفاطمي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire