mercredi 25 septembre 2013

إســـــــــــــــــــرائــــــــــــــــــــــيل والشــــــــر ق الأ وســــط الجــــــــــد يــــــد

                   الشرق الأوسط بعيون إسرائيلية

لم يكن صعبا على الإسرائليين استغلال انتفاضة الشعوب العربية لفائدتهم ،بعد أن كانوا مدركين بأنّ ضعف هذه الشعوب المقهورة،والمتخلّفة لا يؤهّلها لخوض مثل هكذا تجارب في ظلّ غيّاب النخبة التي ستتسلّم مقاليد السلطة آونة سقوط الأنظمة الفاسدة.وعلى هذا الصّعيد عمل الإسرائليون وزعماء الأنظمة الفاسدة،منذ زمن بعيد،على إغلاق صنابير المعرفة والعلم  بغية إغراق مجتمعاتنا في مستنقعات الأمّية والجهل حتّى لا تتاح لهم فرص تمكّنهم من خلع عباءة الاستبداد.وهذه الممارسات ذات الطبيعة الاحتلالية ظلّت ترافقنا منذ ما سمي بالاستقلال إلى يومنا هذا.القمع ،والتّجويع ،والإرهاب ،والاعتقالات     بالجملة ،والتّجسّس ،والإهانة،وكلّ أنواع الذلّ والقهر والاستغلال والاستعباد.

 لمّا تجاوز القهر حدوده،انتفض المواطنون مطالبين بالتغيير،وبالإصلاحات الديمقراطية،معتقدين بأنّ هذه الانتفاضات ستقودهم إلى شاطئ الخلا ص من هؤلاء الحكّام الفاسدين،لكنّهم لم يفكّروا أبدا في ما يمكن أن تفعله إسرائيل من أجل شرقها الأوسط الجديد ،سيّما وأنّ الأمريكيين يرون منطقة الشرق الأوسط بعيون إسرائيلية.لكنّ الإسرائيليين كانوا يتحرّكون في الخفاء ،من خلال عملياتهم الاستخباراتية،حتّى تمكّنوا من تعميق الخلافات بين الثائرين ،وجرّهم إلى الاقتتال فيما بينهم قصد استنزاف بعضهم بعضا.والملاحظ سيرى أنّ الدولة العبرية وكأنّها غير معنية بما يحدث في وطننا العربي،لكنّ العكس هو الصحيح،فإسرائيل تتحرّك في الخفاء مستفيدة من أصدقائها الأمريكيين الذين وفّروا لها كلّ أسباب الدّعم والتّغطية،الأمر سهّل لبني إسرائيل أن تجعل من ربيع الشعوب العربية ربيعا لها ولشرق أوسطها الجديد.وما نراه يتشكّل اليوم في منطقة الأوسط  يزكّي بقوّة هذا الطّرح،فمصر احتلّها العسكر لتأمين حدود إسرائيل،وسوريا غارقة في القتل والدماء والتّخريب،والانتفاضات الشعبية التي أطلقنا عليها ثورات الربيع العربي بدأت تتّجه نحو  الطريق المسدود،والإسرائيليون يراقبون كلّ شيئ ،عن كثب،وهم يضعون الخطط  ويعدّون العدّة للهيمنة على مقدّرات المنطقة بعد أن أصبحت لهم جيوش في أوطاننا من أهلنا ينادون بالتّطبيع والتّسامح ومنح إسرائيل ما تشاء من أعراضنا وقيّمنا وأخلاقنا والانفتاح عليها والانبطاح أمام أوامرها حتّى ولو كانت على حساب حقوقنا المشروعة. وأكيد أنّ إسرائيل نجحت بالفعل في اختراق الأنظمة العربية من الألف إلى الياء بعد أن تمكّنت من استمالةالنّخب الحاكمة إليها وإغراء الطّامعين منهم،ممّا سهّل عليها الشروع في وضع الأرضية لإقامة هذا المشروع الكبير والذي سيمنح إسرائيل القدرة على إملاء ذاتها في المنطقة باعتبارها القوّة الضّاربة الوحيدة إقليميا ،والدولة الوحيدة التي تملك أسباب العلم والمعرفة بينما معظم جيرانها من الدول العربية،إن لم نقل جلّها،مازالت أسيرة التّخلّف والجهل والإضطهاد.قال أبو الطيب المتنبّي:

            يرى الجبناء أنّ العجز عـــــقل****وتلك خديعة الطّبع اللّـــــــئيم

            وكلّ شجاعة في المرء تغني****ولا مثل الشجاعة في الحكيم 

            وكم من عائب قولا صـــحيحا****وآفته من الفــهم السّقــــــيم

 لقد تنفّست الدولة العبرية الصعداء حينما بدأت ترى أعداءها العرب يتقاتلون فبما بينهم،بدل التوجّه صوبها باعتبارها الدولة الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط،والدولة المحتلّة للشعب الفلسطيني،بالرّغم من كلّ القرارات الدّولية المندّدة بهذا الاحتلال البغيظ.ولا شكّ في أنّ ما يفعل بالشعبين المصري والسوري  حاليا سيبيح لإسرائيل أن تفعل ما تشاء مستقبلا بشعوب المنطقة.وهذا أمر خطير للغاية.فإذا كان حكّام هذه الشعوب قد أباحوا لأنفسهم قتل كلّ هذه الأعداد من مواطنيهم،ما الذي يتوقّعونه من إسرائيل؟

 والملاحظ اليوم سيدرك أنّ الإسرائيليين لم يعد يهدّدهم أيّ خطر على مستوى الجوار،أضف إلى ذلك أنّهم ،في ظلّ هذا الوضع الجديد، كثّفوا من مصادرة المزيد من الأراضي،وضاعفوا من بناء المزيد المستوطنات،بعد أن ضمنوا عدم السّماح للفلسطينيين اللاّجئين بحقّ عودتهم إلى  بيوتهم وأرضهم المغتصبة،وبعد أن تلقّوا ضمانات من الولابات المتحدة الأمريكية مفادها أنّ جميع الفلسطينيين اللاّجئين سيتمّ توطينهم في الدّوّل المستضيفة لهم.وعليه ستصبح إسرئيل، في المستقبل المنظور، القوّة الضاربة الوحيدة في المنطقة،الشيئ الذي سيحعلها  سيّدة الشرق الأوسط الجديد بلا منازع.

 لقد استطاعت الدولة العبرية أن تقطف ثمار الربيع العربي من خلال توظيف عملائها المستعربين الذين أصبحوا يتواجدون في جميع الأقطار العربية والإسلامية،والذين يطالبون بالتّطبيع مع إسرائيل والإنفتاح علبها حتّى  ولو بقيت محتلّة، ومغتصبة،وإرهابية. وهؤلاء هم الذين يطلقون على أنفسهم "الحداثيون التقدّميون العلمانيون"وهم ليسوا في شيئ ممّا يظنّون،إلاّ أنهم  أبرموا الصفقة وباعوا أبناء جلدتهم بأبخس الأثمان.


                                        

                                             محمد الدبلي الفاطمي 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire