لا جدال في أنّ العسكر في مصر قد أخطأ في حساباته حينما التجأ إلى الانقلاب على الشرعية الممثلة في عزل الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي.ذلك أنّ هذا التصرف المتهور تسبّب لحدّ الساعة في قتل العديد من الأبرياء المصريين،لا لشيئ إلاّ لأنهم قالوا لا لعودة الديكتاتورية والتسلط ،وحكم العسكر.وقد بدأت أصوات الشجب،والتنديد في ملاحقة المتورطين في أحداث قتل المتظاهرين من جميع جهات العالم ،كما أعلن المتظاهرون أنهم لن يعودوا إلى بيوتهم إلاّ بعودة مرسي إلى منصبه الشرعي الذي عزل منه على يد السيسي.فما حدث في الجزائر مع الإسلاميين هو نفسه الذي وقع اليوم في مصر،وكأنّ العسكريين المصريين استنسخوا التجربة الجزائرية،ناسين أنّ ما قام به العسكر في الجزائر سلفايستحيل أن يقوم به الجيش المصري حاليا في مصر.وأكيد أنّ الأحداث في مصر ستعرف منعطفا خطيرا في ظل الغطرسة التي يمارسها العسكر ضدّ المدنيين العزّل.وما لم تتغيّر هذه المواقف،فإنّ الواقعة آتية وليس لوقعتها كاذبة.قال الشاعر:
سترى حين ينقـــشع الغبار**** أحصــــــان تحــتك أم حمار
إنّ غالبية الشعب المصري يطمحون إلى دمقرطة الحياة العامة في مصر،ويرغبون في تنمية أوضاعهم المعيشية بدل العيش كالصراصير في المياه العادمة.والشعب المصري بأحراره،وحرائره مستعدّ لإراقة دمائه في سبيل تحقيق الهدف النبيل،دون التخلّي عن حقوقه المشروعة في إقامة دولة ديمقراطية قوامها العدالة الاجتماعية ،واحترام حقوق الإنسان.فمصر ليست بمفردها في هذا المسار،بل تؤازرها شعوب عربية أخرى لها نفس الطموحات،وتحلم بنفس الأحلام،ولا أدلّ على ذلك الربيع العربي الذي أوضح للعالم أنّ الأمة العربية كيان واحد،وسيظلّ كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.قال الشاعر:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهله**** ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
لقد سئمت الشعوب العربية من هذا الفساد الذي أتى على الأخضر واليابس،وهي اليوم تكافح من أجل التخلّص من هذه الأنظمة الفاسدة التي استجملت النوق ،واستنوقت الجمال،
حتّى أصبح الوطن العربي دجاجة من بيضها السمين يأكل السفلة والمارقون.فطوبى لهؤلاء الصراصير الذين حوّلوا العروبة إلى امرأة مباحة يطأها كلّ من هبّ ودبّ ،وباعوا شعوبهم بأبخس الأثمان لمن لا ملّة لهم ولا دين.قال الشاعر:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى****حتّى تراق على جوانبه الدّم
وأكيد أنّ الضربة الأمريكية لسوريا الأسد ستبعث برسالة تهديدية للعسكر في مصر،محذّرة من مغبّة الاستمرار في قمع المتظاهرين وقتلهم عمدا أمام أنظار العالم،كما هو جار الآن في سوريا.وهذه الإشارة كفيلة بأن تضع قطار الربيع العربي على سكّته الصحيحة.ذلك أنّ الرقم الصعب في معادلة التغيير في الوطن العربي هو الحيش الذي ظلّ جاثما على صدر هذه الأمّة منذ فجر استقلال شعوبنا وجلاء المستعمرين الأوربيين عن أراضيها.واليوم آن الأوان بعد أن انفجر في وجه الطغاة البركان،ولم يعد ينفع لا الترهيب،ولا القمع والبهتان.قال الشاعر:
ذهب الطغاة فما لهم من عودة****واتى الحساب فأين منه المهرب؟
فهل سنشاهد في الأيام القادمة بشّار الأسد يتوسّل للثوّار كما حصل مع معمّر القذافي في ليبيا؟هذا السؤال ستجيب عنه السّاعات الآ تية بلا شك،في ظلّ الاستعدادات المكثفة التي تجريها أمريكا وحلفاؤها في المنطقة.
محمد الدبلي الفاطمي