samedi 6 juillet 2013

كلّ من سا ر على الدّرب وصـــــل

            
بعد أن انتشرت شرارة الثوران في وجه الأنظمة الفاسدة المتسلطة على شعوبنا العربية منذ الأزمنة الغابرة،بدأت فاتورة الأرواح والممتلكات تشهد ارتفاعا يوما بعد يوم،قتلا وسحلا،وتدميرا، في  ظلّ عجز رهيب من قبل المجتمع الدولي.ذلك أن الإضطرابات  التي سيتجرّع مآسيها المواطن العربي وستعاني من ويلاتها شعوب هذه الأمة كثيرة ومؤلمة، بسبب تربية هذه الأنظمة الفاسدة لمواطنيها على الغش، والتحايل ،والنهب ،والتسلّط.فالمواطنون الثائرون في البلدان التي سقطت أنظمتها يعتقدون بأن فرصتهم  الأخيرة قد وصلت وأنّ مثلها لايمكن أن تتكرر مرّة أخرى،لذلك سيكون من الصعب إقناعهم بالتراجع عن معتقداتهم مادام التسيب والفوضى هما سيّدا الأوضاع  الراهنة.والعبرة،طبعا،تؤخذ من تداعيات الثورة الفرنسية التي عمّرت عشرة أعوام  بسبب ما أفرزت من صراعات طاحنة بين الثائرين وأنصار لويس الثامن عشرفي  فرنسا.
 إن إسقاط الأنظمة اليوم يتطلب الوعي الكامل بما ستخلف من ضحايا في الأرواح وخسائر  في الممتلكات،سيّما وأن هذه الأنظمة الفاسدةلن  تتراجع عن استعمال  الأسلحة الفتّاكة إن هي أحسّت بسقوطها الوشيك كما يحدث الآن للشعب السوري.  ومردّ هذه الصعوبات في إسقاط هذه الأنظمة عائد إلى تجدّرها القوي في عالمنا    العربي وتغلغلها العميق بفعل الدعم اللاّمشروط الذي ظلت تقدّمه الدول الغربية  تسليحا وتخطيطا وإرهابا.ذلك أن سقوط هذه الأنظمة اللاّشرعية سيحرّر الشعوب  العربية من أغلال الظلم والقهر والإذلال،وسيمنح هذه الشعوب فرصة دمقرطة  أنظمتها وتنمية مواردها البشرية،الأمر الذي لا ترغب في حدوثه الدول الإستـعماريـة التي تعودت على معاملة شعوبنا العربية كالـــــــــــــــــــقطعان 
 لإنها ستفقد أهمّ منابع ثرواتها التي لا تقدّر بثمن .وفي هكذا ســــــياق تصـــــعب التكـهنات ،
 وتتعقّد التوقعات، جرّاء توقّف التفكير في متاهات غموض الرؤيا.قال الشاعر الكبير أبو القاسم     الشابي في ختام قصيدته الشهيرة،إرادة الحياة:   
             
                   إذا طمحت للحياة الشعوب**** فلابدّ أن يســتجيب القدر

إنّنا اليوم، في عالمنا العربي، أمام نشوب حرب أهلية من صنف غير تقليدي.ذلك أن هذه التحولات الجارية الآن،قسّمت شعوب أمتنا إلى ثلاثة أصناف صنف علماني غربي،وصنفإسلامي من المتدينين والمتعاطفين معهم،وصنف ثالث لاهو من هؤلاء،ولا هو من أولئك.فالعلمانيون شعارهم الدولة المدنية، والإسلاميون شعارهم الكتاب والسنّة،والصنف الثالث شعارهم الأمن والاستقرار ولو كان على حساب كرامتهم وعيشهم الزّهيد.قال الشاعر اللّبيب أبو الطيب المتنبي:
          
              تــصفو الحياة لجاهل أوغافل       عمّا مــضى منها وما يــتوقّع 
            
           ولمن يغالط في الحقائق نفسه      ويقودها نحو المحال فتــطمع

وفي ظل غموض هذا المشهد الذي جاء نتيجة تمرّد الشعوب على المستبدين من  حكّامها ،تتوالى الإحتجاجات، والمظاهرات، في جمـــــــــيع مدن، وعواصــــــــم عالـــــــــمنا العربي
 إيذانا بحلول فصل الربيع العربي.وقد قال شاعر العصر نزار قبّاني فيما مضى :

 متـــــــى ستـــــرحلون ؟ المسرح انهار على رؤوسكم

 متــــــــى سترحلون والناس في القاعة يشتمون يبصقون؟

 كانت فلسطين لكم،دجاجة،من بيضها السّمين تأكلون

 طــــــــوبــــــى لكـــــم،

على يديكم أصبحت بلادنا من ورق، 

 فألف تشـــــــكرون. 

على يديكم أصبحت بلادنا امرأة،مباحة

 فألف تشكـــــــــــــــــــرون.

 لقد سئمت الشعوب  ظلم الحكّام وفسادهم وتسلّطهم الذي طال الأخضر واليابس،وما نراه يجري اليوم على الأرض يؤكّد بوضوح أنّ المناخ السياسي في وطننا العربي سيتغيّر إلى الأبد،وأنّ هذا التحوّل الكبير جاء نتيجة ارتفاع منسوب الوعي لدي المواطن العربي الذي استطاع في نهاية المطاف أن يتخلّص من هواجس الخوف التي ظلّت جاثمة على صدره منذ عقود.وهذا إن دلّ على شيئ فإنّما يدلّ على أنّ عالمنا العربي قد ودّع الانبطاح والطّاعة العمياء ونهض على قدميه ليقول للعالم أجمع:

                سأظلّ رغم الدّاء والأعداء****كالنّسر فوق الصّخرة الشّمّاء

             محمد  الدبلي الفاطمي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire