vendredi 12 juillet 2013

ولــــــيــــــس أخو عـــــلـــم كمــــــــــــــن هــــو جـــــا هــــــــــــــــل

  المدرسة العمومية في المغرب تتّجه نحو الإفلاس

 كلّ المتتبعين للشّأن التربوي ببلادنا يعلمون علم اليقين أنّ مستوى التعليم قد عرف،    في السنوات الأخيرة، تدهورا فظيعا،لا من حيث الكمّ،ولا من حيث الكيف.وهذا عائد،بالأساس ،إلى عدوى الفساد التي امتدّت جراثيمها إلى هذا المرفق الحيوي،والذي،بطبيعته،لايحتمل مثل هكذا أمراض.ذلك أنّ التربية تشكّل عصب الحياة في كل المجتمعات ماضيا،وحاضرا،ومستقبلا.فالمدرسة وظيفتها أن تقوّم اعوجاج الناشئة مستهدفة،بتأثيرها هذا،تنمية روح المواطنة والتضامن والإخلاص في أداء الواجب،واحترام آراء الآخرين.لكن المدرسة العمومية في بلادنا توجّهت توجّها غير الذي سبقت الإشارة إليه،بحيث عمد المسؤولون على هذا المرفق الحيوي إلى غرس الغشّ في أنفس التّلاميذ،فعلّموهم ما  يضرّهم،وليس ما ينفعهم،بعدأن مرّنوهم على التّفسّخ والانحلال الخلقي، الأمر الذي أحدث شرخا كبيرا في منظومتنا التربوية أدّى بها، في نهاية المطاف، إلى الارتماء في أحضان الفساد.

 أمّا الحديث عن التّعلّمات التي يتلقّاها المتعلّمون داخل فصولهم فهذا نقاش لا محيط له. وبصفتي أدرّس حاليا بالمدرسة الإبتدائية أرى،وأنا على يقين،أنّ المدرسة العمومية قد تحوّلت إلى مستنقع يفرّخ،سنة بعد سنة،ما لا يحصى ولا يعدّ من العاطلين والمجرمين والشّمكرا بلغة الشّارع كما يقولون.فالتّلاميذ الذين يتابعون دراستهم في المرحلة الإعدادية يفتقرون افتقارا فظيعا إلى لغة التعبير كتابة ونطقا،والسواد الأعظم منهم يجهلون بشكل مخيف ماذا هم في المدرسة يفعلون.أمّا متابعة الآباء والأولياء لهم ،فهذا أمر يكاد ينعدم لدى الأسر المغربية،وهو ما ساعد على تدحرج المدرسة إلى الدّرك الأسفل من الانحطاط.ورحم الله الشاعر العربي الذي قال بفصيح نظمه:
               
                           إذا كان ربّ البيت بالدّفّ مولع****فلا تلومنّ الصغار إن هم رقصوا

 إنّ ناقوس الخطر قد دقّ منذ أمد بعيد،فالعدوّ أمامنا والبحر من ورائنا،وليس لنا،ولله،إلاّ المبادرة في اتّخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.وأيّ رأي يصبّ في غير هذا المصبّ فهو،من وجهة نظري،بهتان ليس إلاّ.قال أبو الطيب المتنبّي:
       
                           وليس يصحّ في الأذهان شيئ**** إذا احتاج النـــــــهار إلى دليل

 ذلك أنّ هذا التدهور المتواصل في المستويات التعليمية لدى التلاميذ والطلاّب والمدرّسين سببه السياسة المتبعة في هذا المضمار،فكلّما استبدلت حكومة بأخرى إلاّ وأقدم الوزير الجديد على تغيير المسار الذي اعتمده سلفه.وهذه الفلسفة المتّبعة في تدبير وإدارة المنظومة التربوية عطّلت الإصلاح،وأربكة الأطر التعليمية،الأمر الذي أثّر على المتعلّمين والمدرسين تأثيرا فظيعا،ممّا دفع بالجميع إلى الهبوط نحو المرتبة الدنيا عالميا في مجالي التربية والتكوين.وفي ظلّ هذا المناخ الملوّث بكلّ ألوان التقهقر والانحطاط،فقدت المدرسة صوابها وأضاعت رشدها،فتعطّل دورها،وانطفأ إشعاعها،وتشوّهت سمعتها،ولم تعد تحمل من المدرسة إلاّ الاسم.وعليه،خسر المجتمع المؤسسة التربوية التي بعطائها تنهض الأمم والشعوب ،وتزدهر العلوم والثقافات،فتحيا كما تحيا البلاد إذا ما مسّها المطر.

إنّ حاجة الإنسان إلى التربية والتكوين أهمّ من حاجياته الأخرى في دينه ودنياه،وأفضل كسبه العلم والأدب لأنّهما كنزان لا يفنيان ومصباحان لا ينطفئان وكسوتان لا تبليان،والشعوب التي سارت على هذا الدّرب ستصل بكلّ تأكيد. قال الشاعر الكبير أحمد شوقي:

                         وعلّم ما استطعت لعلّ جـــــيلا****سيأتي يحدث العجب العجابا

 ولكي يغيّر الناس ما بأنفسهم عليهم أن يتعلّموا ليكتشفوا العلل والأسباب في أنفسهم،فالسماء كما قال أمير المومنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:السماء لا تمطر لا ذهبا ولا فضّة.وقال أحد الشعراء الأوّلين:

                          تعلّم فليس المـــــرء يولد عالما****وليس أخو علم كمن هو جاهل

                          وإنّ كبير القـــوم لا علـــم عنده****صغير إذا الــتفّت عليه المحافل
                    
                                                                              محمد الدبلي الفاطمي


























      










Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire